قتله هاني بن شبيب الحضرمي 1.
ثم برز أخوه القاسم بن الحسن وهو غلام صغير لم يبلغ الحلم فلما نظر إليه الحسين اعتنقه وجعلا يبكيان ثم استأذن الغلام للحرب فأبى عمه الحسين أن يأذن له، فلم يزل الغلام يقبل يديه ورجليه ويسأله الاذن حتى أذن له فخرج ودموعه تسيل على خديه 2 عليه ثوب وازار ونعلان فقط وكأنه فلقة قمر وأنشأ يقول:
اني أنا القاسم من نسل علي * نحن وبيت الله أولى بالنبي من شمر ذي الجوشن أو ابن الدعي 3 وروى الطبري عن حميد بن مسلم، قال: خرج إلينا غلام كأن وجهه شقة قمر في يده السيف عليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع أحدهما ما انسى أنها اليسرى، فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي والله لأشدن عليه، فقلت له: سبحان الله وما تريد إلى ذلك، يكفيك قتله هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوهم قال: فقال: والله لأشدن عليه، فشد عليه فما ولى حتى ضرب رأسه بالسيف، فوقع الغلام لوجهه، فقال: يا عماه! قال: فجلى الحسين كما يجلى الصقر، ثم شد شدة ليث أغضب، فضرب عمرا بالسيف، فاتقاه بالساعد فأطنها من لدن المرفق، فصاح - صيحة سمعها أهل العسكر - 4 ثم تنحى عنه، وحملت خيل لأهل الكوفة ليستنقذوا عمرا من حسين، فاستقبلت عمرا بصدورها فحركت حوافرها وجالت الخيل بفرسانها عليه، فتوطأته حتى مات وانجلت الغبرة فإذا أنا بالحسين قائم على رأس الغلام، والغلام يفحص برجليه، وحسين يقول: بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك ثم قال:
عز والله على عمك، ان تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا ينفعك، صوت والله كثر واتره وقل ناصره ثم احتمله فكأني انظر إلى رجلي الغلام يخطان في الأرض وقد وضع حسين صدره على صدره، قال: فقلت في نفسي: ما يصنع به، فجاء به حتى ألقاه مع ابنه علي ابن الحسين وقتلى قد قتلت حوله من أهل بيته، فسألت عن الغلام فقيل: هو القاسم ابن الحسن بن علي بن أبي طالب.