دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٩٠
على الحق ثم توقفوا.
فإن قبول الثقات رواياتهم إما للعلم بصدورها في حال الاستقامة، أو للقرائن الخارجية، ضرورة أن المعهود من أصحاب الأئمة عليهم السلام كمال الاجتناب عن الواقفية وأمثالهم من فرق الشيعة، وكانت معاندتهم معهم وتبريهم عنهم أزيد منها من العامة، سيما مع الواقفية. حتى إنهم كانوا يسمونهم " الممطورة " - أي الكلاب التي أصابها المطر - وكانوا يتنزهون عن صحبتهم، والمكالمة معهم، وكان أئمتهم عليهم السلام يأمرونهم باللعن عليهم والتبري منهم.
فرواية ثقاتهم وأجلائهم عنهم قرينة على أن الرواية كانت حال الاستقامة، أو أن الرواية عن أصلهم المعتمد المؤلف قبل فساد العقيدة، أو المأخوذ عن المشايخ المعتمدين من أصحابنا، ككتب " علي بن الحسن الطاطري " الذي هو من وجوه الواقفية، فإن الشيخ - رحمه الله - ذكر في الفهرست أنه روى كتبه عن الرجال الموثوق بهم وبروايتهم.
وقد استظهر المحقق البهائي - رحمه الله - في محكي مشرق الشمسين كون قبول المحقق (ره) رواية علي بن أبي حمزة المذكور مع شدة تعصبه في مذهبه الفاسد مبنيا على كونها مأخوذة من أصله فإنه من أصحاب الأصول.
وكذا قول العلامة - رحمه الله - بصحة رواية إسحاق بن جرير، عن الصادق عليه السلام فإنه ثقة من أصحاب الأصول أيضا.
وتأليف هؤلاء أصولهم كان قبل الوقف لأنه وقع في زمن الصادق عليه السلام، فقد بلغنا عن مشايخنا قدس الله تعالى أسرارهم أنه كان من دأب أصحاب الأصول أنهم إذا سمعوا من أحد الأئمة عليهم السلام حديثا بادروا إلى إثباته في أصولهم لئلا يعرض لهم نسيان لبعضه أو كله بتمادي الأيام وتوالي الشهور والأعوام.
الجهة الثانية: أنه تثبت عدالة الراوي بشئ من أمور:
أحدها: الملازمة والصحبة المؤكدة والمعاشرة التامة المطلعة على سريرته وباطن أمره، بحيث يحصل العلم أو الاطمينان العادي بعدالته لكن لا يخفى عليك اختصاص
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»