السقيفة أم الفتن - الدكتور الخليلي - الصفحة ١٠٩
وأبا) وهو القائل - أقيلوني فلست بخيركم، وأين منه عمر (1) أيضا، إذ كان عندما يعييه الجواب يهوي على السائل بالدرة، وحبس سائلا سأله عن آية قرآنية بعد أن أوجعه ضربا وهو من أشراف قومه وكل يوم يأتي به ويوجعه ضربا، وبعدها نفاه إلى ولاية تحت نفوذ عامله وأمره بتكرار الضرب وعدم قبول شهادته حتى مات وكلاهما عجز عن تفسير كثير مما سئلا عنه، ولقد كان عمر يعجز عن الإجابة عن أكثر الأشياء وكانت أكثر عماله وأحكامه تخالف الشريعة، وكان يضطر أكثر الأحيان للاعتراف بعجزه حتى أمام النساء، حتى قال في إحداها: (حتى ربات الخدور أفقه منك يا عمر) (2).
فمن كان أكثر عمره مشركا وليس له في الحروب سطوة وفي العلم حظوة وفي المنطق حكمة وفي العمل قدرة أيساوي من أجمعت على أفضليته الأمة ونص عليه الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ أو أن يطعن فيه، حتى عمر نفسه؟ الذي قال فيه كرارا: (لولا علي لهلك عمر)، وقال فيه: (لو وليها الأصلع لسلك بكم السبيل)، أو يساوي من تراه في نهج البلاغة كيف ينتخب ولاته وكيف يدربهم وكيف يوصيهم، وكيف يكون قدوة لغيره، حتى اعترف به ألد أعداءه؟ (وسيأتي ما صرح به معاوية وعمرو بن العاص فيه).
وقد رأينا كيف امتدحه القرآن ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكيف كانت سيرته (عليه السلام) في جميع حياته، وكيف امتنع من تعيين معاوية، ولم يرض على إبقائه واليا على الشام ولو لأمد قصير، كما أشار عليه ابن عمه عبد الله بن عباس، وكيف يرضى علي (عليه السلام) أن يولي فاجرا فاسقا منافقا، مثل معاوية أو عمرو بن العاص أو المغيرة بن شعبة وأضرابهم، وكيف اجتمع أقطاب الفسق والفجور ضده، وقد رأيناه كيف انتصر في حرب الجمل وكاد أن يتغلب على معاوية لولا ضربة أشقى الأشقياء ابن ملجم.

(1) راجع كتابنا الرابع من الموسوعة.
(2) راجع كتابنا الرابع من الموسوعة.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست