الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٣٣٠
بما لم يطر به غيره وقر به وأدناه وعلمه وإذا غاب عنه تفقده، وشهد إنه شبيه عيسى بن مريم هديا وسمتا وخلقا وبرا وصدقا ونسكا وزهدا. فبماذا يؤدب؟ ولما؟ وأي تأديب هذا يراه النبي الأعظم بلاء في الله؟ ويأمر أبا ذر بالصبر وهو يقول: مرحبا بأمر الله. وبم ولم استحق أبو ذر التأديب؟ وعمله مبرور مشكور عند المولى سبحانه، ويراه مولانا أمير المؤمنين غضبا لله ويقول له: فارج من غضبت له (1).
نعم: يجب أن يكون أبو ذر هو المؤدب للناس لما حمله من علم النبوة وأحكام الدين وحكمه، والنفسيات الكريمة، والملكات الفاضلة التي تركته شبيها بعيسى بن مريم في أمة محمد صلى الله عليه وآله.
ما بال الخليفة يتحرى تأديب أبي ذر وهو هذا، ويبهظه تأديب الوليد بن عقبة السكير على شرب الخمر واللعب بالصلاة المفروضة؟.
ويبهظه تأديب عبيد الله بن عمر على قتل النفوس المحترمة.
ويبهظه تأديب مروان وهو يتهمه بالكتاب المزور عليه.
ويبهظه تأديب الوقاح المستهتر المغيرة بن الأخنس وهو يقول له: أنا أكفيك علي بن أبي طالب. فأجابه الإمام بقوله: يا ابن اللعين الأبتر والشرة التي لا أصل لها ولا فرع أنت تكفيني؟ فوالله ما أعز الله من أنت ناصره الخ (2).
ما بال الخليفة يطرد أبا ذر ويردفه بصلحاء آخرين ويرى الإمام الطاهر أمير المؤمنين أحق بالنفي منهم (3) ويأوي طريد رسول الله الحكم وابنه ويرفدهما وهما هما؟.
ما بال الخليفة يخول مروان مهمات المجتمع؟ ويلقي إليه مقاليد الصالح العام؟
ولم يصخ إلى قول صالح الأمة مولانا أمير المؤمنين له: أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلا بتحرفك عن دينك وعن عقلك مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به؟ والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا في نفسه، وأيم الله إني لأراه سيوردك ثم لا يصدرك وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك، أذهبت شرفك، وغلبت على أمرك، يأتي تمام الحديث في الجزء التاسع إن شاء الله تعالى.

(١) راجع ما مر في هذا الجزء صفحة ٣٠٠.
(٢) نهج البلاغة ١: ٢٥٣.
(3) سيوافيك حديثه في مواقف عمار إن شاء الله تعالى.
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»