الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٢٥٧
ثم: الخليفة يدعي (1) إن رسول الله صلى الله عليه وآله وعده رد الحكم بعد أن فاوضه في ذلك، إن كان هذا الوعد صحيحا فلم لم يعلم به أحد غيره؟ ولا عرفه الشيخان قبله.
وهلا رواه لهما حين كلمهما في رده فجبهاه بما عرفت؟ أو أنهما لم يثقا بتلك الرواية؟
فهذه مشكلة أخرى. أو إنهما صدقاه؟ غير إنهما رأيا أن صلى الله عليه وآله وعده أن يرده هو صلى الله عليه وآله ولم يرده، ولعل المصلحة الواقعية أو الظروف لم تساعده على إنجاز الوعد حتى قضى نحبه، فمن أين عرف الترخيص له في رده؟ ولو كانت هناك شبهة رخصة؟
لعمل بها الشيخان حين فاوضهما هو في ذلك، لكنهما ما عرفا الشبهة ولا علما تلميحا للرخصة بل رأياه عقدة لرسول الله صلى الله عليه وآله لا تنحل، وفي الملل والنحل للشهرستاني 1: 25: فما أجابا إلى ذلك ونفاه عمر من مقامه باليمن أربعين فرسخا. ه‍. ومن هنا رأى ابن عبد ربه في العقد، وأبو الفدا في تاريخه 1: 168: أن الحكم طريد رسول الله وطريد أبي بكر وعمر أيضا، وكذلك الصحابة كلهم ما عرفوا مساغا لرد الرجل وأبناؤه وإلا لما نقموا به عليه ولعذروه على ما ارتكبه وفيهم من لا تخفى عليه مواعيد النبي صلى الله عليه وآله.
وللخليفة معذرة أخرى قال ابن عبد ربه في العقد الفريد 2: 272: لما رد عثمان الحكم طريد النبي صلى الله عليه وسلم وطريد أبي بكر وعمر إلى المدينة تكلم الناس في ذلك فقال عثمان: ما ينقم الناس مني؟ أني وصلت رحما وقريت عينا. ا ه‍ ونحن لا نخدش العواطف بتحليل كلمة الخليفة هذه، ولا نفصل القول في مغزاها وإنما نمر به كراما، وأنت إذا عرفت الحكم وما ولد فعلمت أن ردهم إلى المدينة المشرفة وتوليهم على الأمور، وتسليطهم على ناموس الاسلام، واتخاذ الحمى لهم كما مر ص 242 جناية كبيرة على الأمة لا تغتفر، ولا تقر بها قط عين.
32 أيادي الخليفة عند مروان أعطى مروان بن الحكم بن أبي العاص ابن عمه وصهره من ابنته أم أبان خمس غنائم أفريقية وهو خمسمائة ألف دينار، وفي ذلك يقول عبد الرحمن بن حنبل الجمحي الكندي مخاطبا الخليفة:
الغدير 18

(١) الأنساب للبلاذري ٥: ٢٧، الرياض النضرة ٢: ١٤٣، مرآة الجنان لليافعي ١: ٨٥ الصواعق ص ٦٨، السيرة الحلبية ٢: ٨٦.
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»