وسألوه أن يفتح لهم فأبى واعتذر منهم وقال زوروا من وراء الشباك فأتوا الباب وتضرعوا وتمرغوا في التراب وقالوا قد حرمنا من زيارة ولدك فلا تحرمنا زيارتك فإنا من شيعتك وقد أتيناك من شقة بعيدة فبينا هم في ذلك إذ سقطت الاقفال وفتحت الأبواب ودخلوا وزاروا، وهذه مشهور بين أهل المشهد وبين أهل البحرين غاية الاشتهار.
53 ومنها ما تواترت به الاخبار، ونظموها في الاشعار، وشاع في جميع الأصقاع والأقطار، واشتهر اشتهار الشمس في رابعة النهار، وكان بالقرب من تاريخ الكتابة في سنة اثنين وسبعين بعد الألف من الهجرة، وكانت كيفية تلك الواقعة على ما سمعته من الثقات أنه كان في المشهد الغروي عجوز تسمى بمريم و كانت معروفة بالعبادة والتقوى فمرضت مرضا شديدا وامتد بها حتى صارت مقعدة مزمنة وبقيت كذلك قريبا من سنتين بحيث اشتهر أمرها وكونها مزمنة في الغري.
ثم إنها لتسع ليال خلون من رجب تضرعت لدفع ضرها إلى الله تعالى واستشفعت بمولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وشكت إليه عليه السلام في ذلك ونامت فرأت في منامها ثلاث نسوة دخلن إليها وإحداهن كالقمر ليلة البدر نورا وصفاءا وقلن لها لا تخافي ولا تحزني فإن فرجك لي ليلة الثاني عشر من الشهر المبارك فانتبهت فرحا، وقصت رؤياها على من حضرها، وكانت تنتظر ليلة ثاني عشر رجب فمرت بها ولم تر شيئا، ثم ترقبت ليلة ثاني عشر شعبان فلم تر أيضا شيئا، فلما كانت ليلة تاسع من شهر رمضان رأت في منامها تلك النسوة بأعيانهن وهو يبشرنها فقلن لها: إذا كانت ليلة الثاني عشر من هذا الشهر فامض إلى روضة أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأرسلي إلى فلانة وفلانة وفلانة وسمين نسوة معروفات عليه وهن باقيات إلى حين هذا التحرير واذهبي بمن معك إليها فلما أصبحت قصت رؤياها وبقيت مسرورة مستبشرة بذلك، إلى أن دخلت تلك الليلة فأمرت بغسل ثيابها وتطهير جسدها وأرسلت إلى تلك النسوة دعتهن فأجبن وذهبن بها محمولة لأنها كانت لا تقدر على المشي، فلما مضى قريب من ربع الليل خرجت واحدة