إلا إمام عادل معصوم، يقيم حدود الله تعالى وأوامره فيهم، ويجاهد بهم، ويقسم غنائمهم، ولا يستقيم أن يقيم الحدود من في جنبه حد الله تعالى لان الخبيث لا يطهر بالخبيث، وإنما يطهر الخبيث بالطاهر، الذي يدل على ما يقرب من الله تعالى وإنما يحيون به الحياة الدنيا في حال معايشهم، مما يكون عاقبته إلى حياة الأبد في الدار الآخرة، ولا بد ممن هذه صفته في عصر بعد عصر، وأوان بعد أوان وأمة بعد أمة، جاريا ذلك في الخلق ما داموا، ودام فرض التكليف عليهم لا يستقيم لهم الامر، ولا يدوم لهم الحياة إلا بذلك.
ولو كان الامام بصفة المأمومين، لاحتاج إلى ما احتاجوا إليه، فيكون حينئذ إماما، وليس في عدل الله تعالى وحكمه أن يحتج على خلقه بمن هذه صفته، وإنما إمام الامام، الوحي الآمر له والناهي، فكل هذه الصفات المتفرقة في الأنبياء فان الله سبحانه جمعها في نبينا ووجب لذلك بعد مضيه صلى الله عليه وآله أن يكون في وصيه ثم الأوصياء.
اللهم إلا أن يدعي مدع أن الإمامة مستغنية عمن هذه صفته، فيكونون بهذه الدعوى مبطلين، بما تقدم من الأدلة وثبت أنه لابد من إمام عارف بجميع ما جاء محمد النبي صلى الله عليه وآله من كتاب الله تعالى بإقامة المقدم ذكرها يجيب عنها وعن جميع المشكلات، وينفي عن الأمة مواقع الشبهات، لا يزل في حكمه عارف بدقيق الأشياء وجليلها، يكون فيه ثمان خصال يتميز بها عن المأمومين: أربع منها في نعت نفسه ونسبه، أربع صفات ذاته وحالاته.
فأما التي في نعت نفسه فإنه ينبغي أن يكون معروف البيت، معروف النسب منصوصا عليه من النبي صلى الله عليه وآله بأمر من الله سبحانه، بمثله يبطل دعوى من يدعي منزلته بغير نص من الله سبحانه ورسوله، حتى إذا قدم الطالب من البلد القريب والبعيد أشارت إليه الأمة بالكمال والبيان وأما اللواتي في صفات ذاته فإنه يجب أن يكون أزهد الناس، وأعلم الناس، وأشجع الناس، وأكرم الناس، وما يتبع ذلك، لعلل تقتضيه.
لأنه إذا لم يكن زاهدا في الدنيا وزخرفها، دخل في المحظورات من المعاصي