بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٤ - الصفحة ١٩٠
إليك انتهى.
ويحتمل أن يكون المعنى أن الطافك ورحماتك تزيد على عبادته كما ورد في الحديث القدسي من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا "، ومن تقرب إلى ذراعا " تقربت إليه باعا ".
" خائنة الأعين " أي النظرة الخائنة الصادرة عن الأعين، أو الخائنة مصدر كالعافية أي خيانة الأعين.
وقال الوالد - ره - في أكثر نسخ التهذيب: " يدلج " بالياء فيحتمل أن يكون صفة للبحر إذ السائر في البحر يظن أن البحر متوجه إليه ويتحرك نحوه، ويمكن أن يكون التفاتا " فيرجع إلى المعنى الأول انتهى. " غارت النجوم " أي تسفلت و أخذت في الهبوط والانخفاض، بعد ما كانت آخذة في الصعود والارتفاع، واللام للعهد ويجوز أن يكون بمعنى غابت بأن يكون المراد بها النجوم التي كانت في أول الليل في وسط السماء " والسنة " بالكسر مبادي النوم.
" لايات " أي علامات عظيمة أو كثيرة دالة على كمال القدرة " لأولي الألباب " أي لذوي العقول الكاملة، وسمى العقل لبا " لأنه أنفس ما في الانسان فما عداه كأنه قشر " ربنا ما خلقت هذا باطلا " (1) أي قائلين حال تفكرهم في تلك المخلوقات العجيبة

(1) إنما تفرع قوله " فقنا عذاب النار " على قوله " ربنا ما خلقت هذا باطلا " لان هناك مقالتين: مقالة المبطلين النافين للمعاد بالرجوع إلى الله، فعندهم لا كتاب ولا رسالة ولا حشر ولا جنة ولا نار، ومقالة المحقين القائلين بالمعاد - وهو مقالة النبيين وأممهم - فعندهم أن الكتاب حق والنبوة حق والمعاد حق والجنة حق والنار حق وأن الله يبعث من في القبور.
فإذا تفكر المتفكر في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار، وعرف بلبه أن لها غاية ونهاية أراد مبدعها وخالقها أن ينتهى أمر الخلقة إلى تلك الغاية والمقصد، أدى نظره واعتباره إلى بطلان مزعمة المبطلين وتحقيق عقائد المحقين من وجود الجنة والنار، فبادر إلى الاستعاذة بالله من النار بأن يقيه من عذابه.
بيان ذلك: أن الباطل - خلاف الحق - هو ما لا ثبات لنفسه، ولا أثر يترتب عليه، ولا فائدة تستعقبه، ولا يتصور له غاية تراد منه، بل يوجد بحقيقة صورية يشبه الحق ثم يضمحل ويهلك كأن لم يكن شيئا " مذكورا ".
وهذا كاللهو واللعب: يلهو الصبي ويلعب لأجل اللهو واللعب ويعمل عملا كأعمال العقلاء يتشبه بهم من دون عائدة يستحصلها ولا غاية ينتهى إليها، كما قد يلهو الرجل العاقل ويلعب عبثا من دون أن يقصد بعمله فائدة، دفعا للوقت أو تصابيا " وتفننا " والجنون فنون.
هذا هو الباطل، وأما خلق السماوات والأرض بما فيها من العظمة والبهاء، بما فيها من النظام الدائم الجاري، بما فيها من أنواع الحيوان وأصناف البشر، بما قدر فيها من الأرزاق والأقوات، بما جعل فيها من تعاقب الليل والنهار وما في تعاقبهما واختلافهما من مصالح الحياة واستدامتها على وجه الأرض لا يشبه اللهو الباطل، فسبحان باريها ومبدعها أن يكون لاهيا " في ذلك لاعبا "، أو يترك الانسان على أرجائها سدى يرتع ويلعب من دون أن يبين لهم ما يتقون.
فإذا عرف الناظر ذو اللب أن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار غاية أرادها مبدعها، وأن تلك الغاية - أياما كان - لم تستكمل بعد، والا لما استدام خالقها على ابقائها، علم بذلك أن لا بد للسموات والأرض وبقائهما من أجل مسمى يستكمل عنده الغاية وان لم يعرف حقيقة تلك الغاية بنفسه، ولا درى كيف يأتي أجلها ولا أيان مرساها.
فعند ذلك ينجذب هذا الناظر المتفكر إلى مبادئ الوحي والالهام، ويصغى بسمع قلبه إلى دعوى النبيين عن الله عز وجل ليعرف من مقالهم ومقال كتب الله المنزلة عليهم حقيقة تلك الغاية، والغرض من خلق الحياة والموت، فيصرخ الصارخ في صماخه أن اليوم المضمار وغدا السباق، والسبق الجنة، والغاية النار، هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور.
وفي ذلك قال الله عز وجل: أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض و ما بينهما الا بالحق واجل مسمى وان كثيرا " من الناس بلقاء ربهم لكافرون (الروم: 8) ما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا ان كنا فاعلين بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون (الأنبياء: 16 - 18).
وقال عز وجل: ان هؤلاء ليقولون: ان هي الا موتتنا الأولى وما نحن بمنشيرين فأتوا بآبائنا ان كنتم صادقين.. وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما الا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون ان يوم الفصل ميقاتهم أجمعين. (الدخان: 34 - 40).
وقال تبارك وتعالى: ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار، أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب (ص: 27 - 29).
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * الباب السابع والأربعون * ما ينبغي أن يقرء كل يوم وليلة 1
3 فيما كان في كتاب يوشع بن نون عليه السلام 4
4 قصة عابد من بني إسرائيل 10
5 * أبواب * * النوافل اليومية وفضلها واحكامها وتعقيباتها * * الباب الأول * جوامع أحكامها واعدادها وفضائلها... 21
6 بحث حول إيقاع النافلة في وقت الفريضة، والأقوال فيها 23
7 فيما روى الشهيد في الذكرى في أن رسول الله (ص) فات عنه صلاة الفجر وقضاها 24
8 في قول الله تعالى: ما تحبب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته... 31
9 فيمن صلى نافلة وهو جالس 35
10 في الفرق بين الفريضة والنافلة 49
11 * الباب الثاني * نوافل الزوال وتعقيبها وأدعية الزوال 52
12 في صلوات صلاها مولانا الرضا عليه السلام 52
13 مما يقال قبل الشروع في نوافل الزوال 59
14 الدعاء بين كل ركعتين من صلاة الزوال 64
15 عدد النوافل والبحث والتوضيح فيها 72(ه‍)
16 * الباب الثالث * نوافل العصر وكيفيتها وتعقيباتها 78
17 الدعاء بين كل ركعتين من صلاة نوافل العصر 78
18 في وقت نافلة العصر، والبحث في جواز تقديم نافلتي الظهر والعصر 86
19 * الباب الرابع * نوافل المغرب وفضلها وآدابها وتعقيباتها وسائر الصلوات المندوبة... 87
20 فيما يقرء في نافلة المغرب من السور 87
21 وقت نافلة المغرب والأقوال فيها 89
22 في صلاة الغفيلة 96
23 من الصلوات بين المغرب والعشاء، وفيه بحث وتحقيق وبيان 100
24 بحث في ذيل الصفحة في الاخبار الضعيفة السند 101(ه‍)
25 * الباب الخامس * فضل الوتيرة وآدابها وعللها وتعقيبها وسائر الصلوات بعد العشاء الآخرة 105
26 فيما يقرء في الوتيرة والدعاء بعدها 108
27 * الباب السادس * فضل صلاة الليل وعبادته، وفيه: آيات، و: أحاديث 116
28 في ذيل الصفحة بيان في التهجد 116(ه‍)
29 تفسير الآيات، ومعنى قوله تعالى: " والمستغفرين بالأسحار " 120
30 معنى قوله تعالى: " قم الليل إلا قليلا " وفيه بيان 126
31 في قول رسول الله (ص): أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل 138
32 معنى قوله عز اسمه: " ورهبانية ابتدعوها " وفيه توضيح 146
33 في أهل قرية أسرفوا في المعاصي وفيها ثلاثة نفر من المؤمنين 150
34 في قول الصادق عليه السلام: كذب من زعم أنه يصلي بالليل ويجوع بالنهار 153
35 * الباب السابع * دعوة المنادى في السحر واستجابة الدعاء فيه وأفضل ساعات الليل 163
36 في نزول ملك إلى السماء الدنيا في ليلة الجمعة وينادي: هل من تائب؟... 164
37 فيمن لا يستجاب دعاؤه 166
38 * الباب الثامن * أصناف الناس في القيام عن فرشهم وثواب احياء الليل كله أو بعضه... 169
39 في أن الناس في القيام عن فراشهم ثلاثة أصناف 169
40 * الباب التاسع * آداب النوم والانتباه 173
41 الدعاء للانتباه من النوم 173
42 أدعية النوم والانتباه 174
43 الدعاء لمن خاف اللصوص، والاحتلام، ومن أراد رؤيا ميت في منامه 176
44 * الباب العاشر * علة صراخ الديك والدعاء عنده 181
45 في الديك الذي كان تحت العرش 181
46 الدعاء عند استماع صوت الديك 184
47 * الباب الحادي عشر * آداب القيام إلى صلاة الليل والدعاء عند ذلك 186
48 الدعاء عند النظر إلى السماء 186
49 معنى ليل داج 188
50 * الباب الثاني عشر * كيفية صلاة الليل والشفع والوتر وسننها وآدابها وأحكامها 194
51 ترجمة: أبو الدرداء، وعروة بن الزبير 194(ه‍)
52 الدعاء في قنوت الوتر 198
53 في وقت صلاة الليل 206
54 دعاء الوتر وما يقال فيه 211
55 صلاة الليل في ليلة الجمعة 233
56 في الذنوب التي تغير النعم، وتورث الندم، وتنزل النقم، وتهتك الستر... 252
57 الدعاء بعد صلاة الليل 258
58 معنى الدعاء وشرح بعض لغاته 263
59 دعاء في قنوت الوتر ما كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول في الاستغفار 282
60 دعاء الحزين 288
61 ترجمة ابن خانبه، والبحث حوله 291(ه‍)
62 * الباب الثالث عشر * نافلة الفجر وكيفيتها وتعقيبها والضجعة بعدها 310
63 في نافلة الفجر ووقتها، والبحث فيها 310
64 الأدعية التي يقرء بعد ركعتي الفجر وقبل الفريضة 313
65 في أن عليا عليه السلام كان يستغفر سبعين مرة في سحر كل ليلة، وصورة الاستغفار... 326
66 دعاء الصباح 339
67 في سند دعاء الصباح وشرح بعض لغاته 342
68 في الاضطجاع بعد نافلة الفجر 354