" فلا إثم عليه " قال الطبرسي رحمه الله: أي لا حرج عليه، وإنما ذكر هذا اللفظ لتبيين أنه ليس بمباح في الأصل، وإنما رفع الحرج للضرورة " إن الله غفور رحيم " إنما ذكر المغفرة لأجل أمرين: إما لتبيين أنه إذا كان يغفر المعصية فإنه لا يؤاخذ فيما رخص فيه، واما لأنه وعد بالمغفرة عند الإنابة إلى الطاعة مما كانوا عليه من تحريم ما لم يحرمه الله من السائبة وغيرها انتهى (1).
وأقول: وإن كان ظاهر بعض الأخبار اختصاص الحكم بالاضطرار في المخمصة لكن لفظ الآية شامل لكل اضطرار من مجاعة أو خوف قتل أو ضرر عظيم لا يتحمل عادة.
" كل الطعام " في المجمع: كل المأكولات " كان حلا " أي حلالا " لبني إسرائيل " وإسرائيل هو يعقوب عليه السلام " إلا ما حرم إسرائيل على نفسه " اختلفوا في ذلك الطعام فقيل: ان يعقوب عليه السلام أخذه وجع العرق الذي يقال له: عرق النساء فنذر إن شفاه الله أن يحرم العروق ولحم الإبل وهو أحب الطعام إليه عن ابن عباس وغيره، وقيل:
حرم إسرائيل على نفسه لحم الجزور تعبدا لله وسأل الله أن يجيز له فحرم الله تعالى ذلك على ولده، عن الحسن، وقيل: حرم زائدتي الكبد والكليتين والشحم إلا ما حملته الظهور عن عكرمة، واختلف في أنه كيف حرمه على نفسه؟
فقيل: بالاجتهاد، وقيل: بالنذر، وقيل: بنص ورد عليه، وقيل: حرمه كما يحرم المستظهر في دينه من الزهاد اللذة على نفسه " من قبل أن تنزل التوراة " أي كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل قبل نزول التوراة على موسى فإنها تضمنت تحريم ما كان حلالا (2) لبني إسرائيل، واختلفوا فيما حرم عليهم وحالها بعد نزول التوراة.
فقيل: إنه حرم عليهم ما كانوا يحرمونه قبل نزولها اقتداء بأبيهم يعقوب عن السدي.