قال: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغلة فركبها، فقال علي عليه السلام (1): لو حملنا الحمير على الخيل لكانت لنا مثل هذه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون.
قال ابن حبان: معناه الذين لا يعلمون النهي عنه، قال الخطابي: يشبه أن يكون المعنى في ذلك - والله أعلم - أن الحمير إذا حملت على الخيل تعطلت منافع الخيل وقل عددها وانقطع نماؤها، والخيل يحتاج إليها للركوب (2) والركض والطلب، وعليها يجاهد العدو وبها تحرز الغنائم، ولحمها مأكول، ويسهم للفرس كما يسهم للفارس وليس للبغل شئ من هذه الفضائل، فأحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينمو عدد الخيل ويكثر نسلها لما فيها من النفع والصلاح، فإذا كانت الفحول خيلا و الأمهات حميرا فيحتمل أن لا يكون داخلا في النهي إلا أن يتأول متأول أن المراد بالحديث صيانة الخيل عن مزاوجة الحمير وكراهة اختلاط مائها بمائها، لئلا يكون منها الحيوان المركب من نوعين مختلفين، فان أكثر الحيوان المركب (3) من جنسين من الحيوان أخبث طبعا من أصولها التي تتولد منها، وأشد شراسة كالسمع ونحوه (4).
ثم إن البغل حيوان عقيم ليس لها نسل ولانماء ولا يذكى ولا يزكى، ثم قال:
ولا أرى هذا الرأي طائلا فان الله تعالى قال: " والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة " (5)