إشارة إلى قوله تعالى (والقمر قدرناه منازل (1)) وهي المنازل الثمانية والعشرون التي يقطعها في كل شهر بحركته الخاصة، فيرى كل ليلة نازلا بقرب واحد منها قال نصير الملة والدين - ره - في التذكرة: وأما منازل القمر فهي من الكواكب القريبة من منطقة البروج، جعلها العرب علامات الأقسام الثمانية والعشرين التي قسمت المنطقة بها، لتكون مطابقة لعدد أيام دور القمر. وقال الخفري في شرحه والمراد من المنزل المسافة التي يقطعها القمر في يوم بليلته، ومنازل القمر عند [أهل] الهند سبعة وعشرون يوما بليلته وثلث، فحذفوا الثلث لكونه أقل من النصف كما هو عادة أهل التنجيم، وأما عند العرب فهي ثمانية وعشرون، لا لأنهم تمموا الثلث واحدا كما قال البعض، بل لأنه لما كان سنوهم لكونها باعتبار الأهلة مختلفة الأوائل لوقوعها في وسط الصيف تارة وفي وسط الشتاء أخرى احتاجوا إلى ضبط سنة الشمس لمعرفة فصول السنة حتى يشتغلوا في استقبال كما فصل منها بما يهمهم فيه، فنظروا إلى القمر فوجدوه يعود إلى وضع له من الشمس في قريب من الثلاثين يوما، ويختفي في آخر الشهر ليلتين أو أكثر أو أقل، فأسقطوا يومين من الثلاثين فبقي ثمانية وعشرون، وهو الزمان الواقع في الأغلب بين رؤيته بالعشيات في أول الشهر ورؤيته بالغدوات في آخره، فقسموا دور الفلك عليه، فكان كل منزل اثنتي عشرة درجة وإحدى وخمسين دقيقة تقريبا، أي ستة أسباع درجة فنصيب كل برج منزلان وثلث، ثم وجدوا الشمس تقطع كل منزل في ثلاثة عشر يوما بالتقريب، فصار المنازل في ثلاثمائة وأربعة وستين يوما، لكن عود الشمس إلى كل منزل إنما يكون في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما فزادوا يوما في أيام منازل غفر، وقد يحتاج إلى زيادة يومين للكبيسة حتى تصير أيامه خمسة عشر ويكون انقضاء أيام السنة الشمسية مع انقضاء أيام المنازل ورجوع الامر إلى منزل جعل مبدءا. ثم إنهم جعلوا علامات المنازل من الكواكب الظاهرة القريبة من المنطقة مما يقارب ممر القمر أو يحاذيه، فيرى كل ليلة نازلا بقرب أحدها
(١٨١)