لو خرج من عين ماء لكان عجبا، وأعجب ما فيه اللبن، ففكر ساعة ثم مكثنا ثلاثة أيام بلياليها نقرء الكتب على أن نجد لهذه القصة ذكرا في العالم، فلم نجد ثم قال: لم يبق اليوم في النصرانية أعلم بالطب من راهب بدير العاقول، فكتب إليه كتابا يذكر فيه ما جرى.
فخرجت وناديته فأشرف علي وقال: من أنت؟ قلت: صاحب بختيشوع، قال:
معك كتابة؟ قلت: نعم فأرخى لي زنبيلا فجعلت الكتاب فيه فرفعه فقرأ الكتاب ونزل من ساعته فقال: أنت الرجل الذي فصدت؟ قلت: نعم، قال: طوبى لامك وركب بغلا ومر.
فوافينا سر من رأى وقد بقي من الليل ثلثه قلت: أين تحب؟ دار أستاذنا أو دار الرجل، فصرنا إلى بابه، قبل الأذان، ففتح الباب وخرج إلينا غلام أسود وقال: أيكما راهب دير العاقول؟ فقال: أنا جعلت فداك، فقال: انزل، وقال لي الخادم: احتفظ بالبغلتين وأخذ بيده ودخلا.
فأقمت إلى أن أصبحنا وارتفع النهار ثم خرج الراهب، وقد رمى بثياب الرهبانية، ولبس ثيابا بيضا وقد أسلم، فقال: خذ بي الآن إلى دار أستاذك فصرنا إلى دار بختيشوع فلما رآه بادر يعدو إليه ثم قال: ما الذين أزالك عن دينك؟ قال:
وجدت المسيح، فأسلمت على يده، قال: وجدت المسيح؟!! قال: أو نظيره فان هذه الفصدة لم يفعلها في العالم إلا المسيح، وهذا نظيره في آياته وبراهينه ثم انصرف إليه ولزم خدمته إلى أن مات (1).
22 - الخرائج: روى أحمد بن محمد، عن جعفر بن الشريف الجرجاني قال:
حججت سنة فدخلت على أبي محمد عليه السلام بسر من رأى، وقد كان أصحابنا حملوا معي شيئا من المال، فأردت أن أسأله إلى من أدفعه؟ فقال قبل أن أقول ذلك:
ادفع ما معك إلى المبارك خادمي.