بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٠ - الصفحة ٢٤٩
دخلت على أبي أحمد عبيد الله بن عبد الله بن طاهر وبين يديه رقعة أبي محمد عليه السلام فيها " إني نازلت الله في هذا الطاغي يعني المستعين (1) وهو آخذه بعد ثلاث " فلما كان
(1) بويع المستعين أحمد بن محمد بن المعتصم في اليوم الذي توفى فيه المنتصر يوم الأحد لخمس خلون من ربيع الاخر سنة ثمان وأربعين ومائتين، وكان بغا ووصيف من الأتراك متوليين لأمر الخلافة في زمانه وأنزلاه في دار السلام، دار محمد بن عبد الله ابن طاهر.
فاضطربت الأتراك والفراعنة وغيرهم من نظرائهم من الموالي بسامراء، فأجمعوا على بعث جماعة منهم إليهم يسألونه الرجوع إلى دار ملكه، واعترفوا بذنوبهم، وتضمنوا أن لا يعودوا ولا غيرهم من نظرائهم إلى شئ مما أنكر عليهم، وتذللوا له فأجيبوا بما يكرهون.
فانصرفوا إلى سر من رأى فأعلموا أصحابهم وآيسوهم من رجوع الخليفة، وقد كان المستعين أغفل أمر المعتز والمؤيد حين انحدر إلى بغداد، إذ لم يأخذهما معه، وقد كان حذر من محمد بن الواثق فأحضره معه، ثم إنه هرب منه في حال الحرب.
فأجمع الموالي على اخراج المعتز والمبايعة له فأنزلوه مع أخيه المؤيد من الحبس وبايعوه في يوم الأربعاء لاحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة إحدى وخمسين ومائتين وركب في غد ذلك اليوم إلى دار العامة، فأخذ البيعة على الناس، وخلع على أخيه المؤيد وعقد له عقد ين أسود وأبيض، وأحضر أخاه أبا أحمد مع عدة من الموالي لحرب المستعين فسار إلى بغداد فلم تزل الحرب بينهم وأمور المعتز تقوى وحال المستعين تضعف.
فلما رأى محمد بن عبد الله بن طاهر ذلك كاتب المعتز إلى الصلح على خلع المستعين فجرى بينهم العهود، فخلع المستعين نفسه من الخلافة في ليلة الخميس لثلاث خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين وأحضر هو وعياله إلى واسط بمقتضى الشرط، ثم بعث المعتز في شهر رمضان من هذه السنة سعيد بن صالح حتى أعرض المستعين قرب سامرا فاجتز رأسه وحمله إلى المعتز بالله وكان ابن خمس وثلاثين سنة.