بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٠ - الصفحة ١٦٧
الرخص، لارتكاب المحارم " ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا " (1) إن لم يتب.
فأما شهادة امرأة وحدها التي جازت فهي القابلة التي جازت شهادتها مع الرضا فإن لم يكن رضا فلا أقل من امرأتين تقوم المرأتان بدل الرجل للضرورة، لان الرجل لا يمكنه أن يقوم مقامها، فإن كان وحدها قبل قولها مع يمينها.
وأما قول علي عليه السلام في الخنثى فهو كما قال: يرث من المبال، وينظر إليه قوم عدول يأخذ كل واحد منهم مرآتا وتقوم الخنثى خلفهم عريانة، وينظرون إلى المرأة فيرون الشئ ويحكمون عليه.
وأما الرجل الناظر إلى الراعي وقد نزا على شاة، فان عرفها ذبحها و أحرقها، وإن لم يعرفها قسمها الامام نصفين وساهم بينهما، فان وقع السهم على أحد القسمين فقد انقسم النصف الآخر ثم يفرق الذي وقع عليه السهم نصفين فيقرع بينهما فلا يزال كذلك حتى يبقى اثنان فيقرع بينهما فأيهما وقع السهم عليها ذبحت وأحرقت وقد نجى سائرها وسهم الامام سهم الله لا يخيب.
وأما صلاة الفجر والجهر فيها بالقراءة لان النبي صلى الله عليه وآله كان يغلس بها فقراءتها من الليل.
وأما قول أمير المؤمنين: بشر قاتل ابن صفيه بالنار (2) لقول رسول الله صلى الله عليه وآله

(١) الفرقان: ٦٩.
(2) هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى الأسدي يكنى أبا عبد الله وكان أمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله " ص " فهو ابن عمة رسول الله وابن أخي خديجة بنت خويلد زوج الرسول " ص " شهدا الجمل مقاتلا لعلي عليه السلام فناداه على ودعاه فانفرد به وقال له: أتذكر إذا كنت أنا وأنت مع رسول الله " ص " فنظر إلى وضحك وضحكت، فقلت أنت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال: ليس بمزه، ولتقاتلنه وأنت له ظالم؟
فذكر الزبير ذلك فانصرف عن القتال فنزل بوادي السباع، وقام يصلى فأتاه ابن جرموز فقتله، وجاء بسيفه ورأسه إلى علي عليه السلام فقال عليه السلام: ان هذا سيف طالما فرج الكرب عن رسول الله " ص " ثم قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار، وكان قتله يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى من سنة ست وثلاثين.
وقيل: إن ابن جرموز استأذن على علي عليه السلام فلم يأذن له وقال للاذن: بشره بالنار فقال:
أتيت عليا برأس الزبير * أرجو لديه به الزلفة فبشر بالنار إذ جئته * فبئس البشارة والتحفة وسيان عندي: قتل الزبير * وضرطة عنز بذي الجحفة وقيل: إن الزبير لما فارق الحرب وبلغ سفوان أتى انسان إلى الأحنف بن قيس فقال: هذا الزبير قد لقى بسفوان، فقال الأحنف: ما شاء الله كان، قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف ثم يلحق ببيته وأهله؟!.
فسمعه ابن جرموز وفضالة بن حابس ونفيع بن غواة من تميم فركبوا، فأتاه ابن جرموز من خلفه فطعنه طعنة خفيفة، وحمل عليه الزبير وهو على فرس له يقال له: ذو الخمار حتى إذا ظن أنه قاتله، نادى صاحبيه فحملوا عليه فقتلوه، بل الظاهر من بعض الأخبار ان ابن جرموز قتله في النوم، وقد روى المسعودي في مروج الذهب أن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل وكانت تحت عبد الله بن أبي بكر فخلف عليها عمر ثم الزبير قالت في ذلك:
غدر ابن جرموز بفارس بهمة * يوم اللقاء وكان غير مسدد يا عمرو! لو نبهته لوجدته * لا طائشا رعش الجنان ولا اليد هبلتك أمك ان قتلت لمسلما * حلت عليك عقوبة المتعمد ما ان رأيت ولا سمعت بمثله * فيمن مضى ممن يروح ويغتدي أقول: إنما قال عليه السلام: بشر قاتل ابن صفية بالنار، لان القاتل وهو عمرو بن جرموز - مع أعوانه - قتله غدرا وغيلة ومغافصة، بعد ما ترك الزبير القتال فهو من أهل النار من جهتين: الأول لقول رسول الله " ص ": الايمان قيد الفتك، فمن فتك مسلما وقتله غيلة كان بمنزلة من قتل مسلما متعمدا لاسلامه، فهو من أهل النار، ولو كان المقتول ظالما مهدور الدم.
والثاني لما سيجيئ في كلام الهادي " ع " من أن ولى الامر، وهو أمير المؤمنين أقضى هذه الأمة حكم بأن من ألقى سلاحه فهو آمن، ومن دخل داره فهو آمن، وقد كان الزبير بعد تركه القتال وانعزاله عن المعركة كالتائب من ذنبه وبمنزلة من ألقى سلاحه ودخل داره.
فالذي قتله إنما قتله غدرا وبغيا وعدوانا فهو من أهل النار وإنما لم يقتله أمير المؤمنين عليه السلام به ولم يقد منه، لأنه كان جاهلا بذلك كله، متأولا يعتقد أن قتله واجب وهو مهدور الدم. لأجل أنه أجلب على امامه أمير المؤمنين وخرج عليه بالسيف، ولم يظهر توبة ولم يستغفر عند وليه أمير المؤمنين.
لكنه كان مقصرا في جهالته ذلك، حيث إن اعتزاله كان بمسمع ومرأى من أمير المؤمنين ولم يحكم فيه بشئ ولا هو استأمره عليه السلام في قتله، مع وجوده بين ظهرانيهم والله أعلم.
وأما الزبير فالظاهر من الأحاديث أنه ندم عن فعله ندامة قطعية بحيث التزم العار فرارا من النار، لكنه لم يظهر منه توبة ولا استغفار، ولو كان أراد التوبة والاستغفار، كان عليه أن يفئ أولا إلى أمير المؤمنين " ع " ويستغفره مما فعله، ويجدد بيعته، فلم يفعل.
وقد روى المفيد قدس سره في جمله أنه لما رأى أمير المؤمنين رأس الزبير وسيفه قال للأحنف: ناولني السيف فناوله، فهزه وقال، سيف طالما قاتل بين يدي النبي " ص ولكن الحين ومصارع السوء، ثم تفرس في وجه الزبير وقال: لقد كان لك بالنبي صحبة ومنه قرابة، ولكن دخل الشيطان منخرك فأوردك هذا المورد.
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب) * * تاريخ الامام التاسع والسيد القانع، حجة الله على جميع العباد، * * وشافع يوم التناد وأبى جعفر محمد التقى الجواد صلوات الله عليه * * الباب الأول * مولده، ووفاته، وأسماؤه، وألقابه، وأحوال أولاده صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه وأولاده الطاهرين 1
3 مولده وأمه عليه السلام 1
4 بحث وتحقيق حول: ابن الرضا 3
5 في قطع يد السارق 5
6 تحقيق في ولادته وشهادته عليه السلام 11
7 * الباب الثاني * النصوص عليه صلوات الله وسلامه عليه 18
8 النصوص عليه عليه السلام 18
9 * الباب الثالث * معجزاته صلوات الله وسلامه عليه 37
10 في كتاب كتبه عليه السلام لإبراهيم بن محمد 37
11 تسييره عليه السلام الرجل من الشام إلى الكوفة ثم إلى المدينة ورجوعه إلى الشام 38
12 فيما أمره عليه السلام بأبي الصلت الهروي في دفنه 49
13 معجزاته عليه السلام الأخرى 51
14 * الباب الرابع * تزويجه عليه السلام أم الفضل، وما جرى في هذا المجلس من الاحتجاج والمناظرة 73
15 الخطبة التي خطبها عليه السلام لما زوج 73
16 في محرم قتل صيدا 76
17 في الخبر الذي روي: يا محمد: سل أبا بكر هل هو عني راض فاني عنه راض 80
18 * الباب الخامس * فضائله، ومكارم أخلاقه، وجوامع أحواله عليه السلام، و أحوال خلفاء الجور في زمانه وأصحابه وما جرى بينه وبينهم 85
19 في كتاب كتبه عليه السلام لرجل إلى والي سجستان 86
20 في ملاقاته عليه السلام مع المأمون في الطريق 91
21 بيان وتحقيق دقيق في أنه عليه السلام أجاب بثلاثين ألف مسألة 93
22 فيما قالته أم عيسى (أم الفضل) بنت المأمون زوجته عليه السلام لحكيمة وعدم تأثير السيف 95
23 في اجتماع الشيعة بعد شهادة الإمام الرضا عليه السلام 99
24 * أبواب * * تاريخ الامام العاشر، والنور الزاهر، والبدر الباهر ذي الشرف * * والكرم والمجد والأيادي، أبى الحسن الثالث علي بن محمد النقي * * الهادي، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه وأولاده * * ما تعاقبت الأيام والليالي * * الباب الأول * أسمائه، وألقابه، وكناه، وعللها، وولادته عليه السلام 113
25 في أسمائه وألقابه عليه السلام 113
26 في ولادته عليه السلام 114
27 * الباب الثاني * النصوص على الخصوص عليه صلوات الله عليه 118
28 * الباب الثالث * معجزاته، وبعض مكارم أخلاقه، ومعالي أموره عليه السلام 124
29 علمه عليه السلام بالغائب 125
30 قصه رجل النقاش الذي كسر الفص 125
31 تكلمه عليه السلام بالفارسية 131
32 إخراجه عليه السلام الروضات بخان الصعاليك، وفيه: بيان وتحقيق وتأييد 132
33 علمه عليه السلام بحوائج رجل من أهل إصفهان 141
34 قصة يوسف النصراني الذي دعيت إلى المتوكل، وقصة حماده 144
35 قصة زينب الكذابة 149
36 علمه عليه السلام بموت الواثق وقعود المتوكل مكانه، وترجمة الواثق والمتوكل في ذيل الصفحة 151
37 فيمن نذر أن يتصدق بمال كثير، ونذر المتوكل 162
38 العلة التي من أجلها بعث الله موسى عليه السلام بالعصا وعيسى عليه السلام بابراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، وبعث محمدا صلى الله عليه وآله بالقرآن والسيف، ومعنى قوله تعالى: " قال الذي عنده علم من الكتاب "، وسجود يعقوب لولده يوسف ومعنى قوله تعالى: " فان كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب " 164
39 معنى قوله تعالى: " ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام " وكلمات الله، وما في الجنة، والشجرة المنهية، وشهادة امرأة، وقول علي عليه السلام في الخنثى، والراعي الذي نزا على شاة، والجهر في صلاة الفجر، وقول علي عليه السلام: بشر قاتل ابن صفية بالنار، وفي الذيل ما يناسب المقام 166
40 في حرب الصفين والجمل، والرجل الذي أقر باللواط، وفي الذيل ما يناسب 170
41 فيما قاله عليه السلام في التوحيد والنبوة 177
42 * الباب الرابع * ما جرى بينه وبين خلفاء زمانه وبعض أحوالهم وتاريخ وفاته عليه السلام 189
43 دعاؤه عليه السلام على المتوكل 192
44 العلة التي من أجلها ورد عليه السلام بسر من رأى 200
45 في وفاته عليه السلام 205
46 حضوره عليه السلام في مجلس المتوكل، وقوله عليه السلام: باتوا على قلل الاجبال 211
47 * الباب الخامس * أحوال أصحابه وأهل زمانه صلوات الله عليه 215
48 أبو نواس 215
49 بابه وثقاته ووكلائه وأصحابه عليه السلام وأشعار البختري 216
50 المذمومين 221
51 * الباب السادس * أحوال جعفر وسائر أولاده صلوات الله وسلامه عليه 227
52 التوقيع الذي خرج من الناحية المقدسة في أولاد الأئمة عليهم السلام 227
53 التوقيع الذي خرج من الناحية المقدسة إلى أحمد بن إسحاق 228
54 أولاده عليه السلام وعددهم 231
55 * أبواب * * تاريخ الامام الحادي عشر، وسبط سيد البشر، ووالد * * الخلف المنتظر، وشافع المحشر، السيد الرضى الزكي، * * أبى محمد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليه وعلى * * آبائه الكرام، وخلفه خاتم الأئمة الاعلام، ما تعاقبت * * الليالي والأيام * * الباب الأول * ولادته، وأسمائه، ونقش خاتمه وأحوال أمه، وبعض جمل أحواله عليه الصلاة والسلام 235
56 في مولده عليه السلام 235
57 ألقابه والأقوال في ولادته عليه السلام 236
58 * الباب الثاني * النصوص على الخصوص عليه صلوات الله وسلامه عليه 239
59 * الباب الثالث * معجزاته ومعالي أموره صلوات الله وسلامه عليه 247
60 هدى الدواب وسكونها 251
61 العلة التي من أجلها صارت ارث المرأة نصف الرجل 255
62 في قصده عليه السلام 260
63 في نكاح الزاني والزانية 291
64 حديث البساط 304
65 * الباب الرابع * مكارم أخلاقه، ونوادر أحواله، وما جرى بينه وبين خلفاء الجور وغيرهم، وأحوال أصحابه وأهل زمانه، صلوات الله عليه 306
66 في أنه عليه السلام رمي بين السباع 309
67 فيما ألقاه عليه السلام إلى تلميذ إسحاق الكندي الذي ألف كتابا في تناقض القرآن 311
68 في إطلاق جعفر بشفاعته عليه السلام 313
69 حديث البساط، وما كتبه عليه السلام إلى أهل قم، وإلى علي بن بابويه القمي 316
70 قصة أحمد بن إسحاق الأشعري وحسين... الإمام الصادق عليه السلام 323
71 * الباب الخامس * وفاته صلوات الله عليه والرد على من ينكرها 325
72 في وفاته عليه السلام 325
73 حديث أبي الأديان 332
74 الأقوال في وفاته ومدة عمره عليه السلام 335
75 دفع شبهة في احتراق الحرم العسكريين عليهما السلام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله 337