مقدم ولا يطمع فيه طامع، ولا حمية تهيجه ولا بصيرة تشجعه، فأنهضني إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعممني بيده وأعطاني سيفه هذا - وضرب بيده إلى ذي الفقار - فخرجت إليه ونساء أهل المدينة بواك إشفاقا علي من ابن عبد ود، فقتله الله عز وجل بيدي والعرب لا تعد لها (1) فارسا غيره، وضربني هذه الضربة - وأومأ بيده إلى هامته - فهزم الله قريشا والعرب بذلك وبما كان مني [فيهم] من النكاية، ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا:
بلى يا أمير المؤمنين.
فقال (عليه السلام): وأما السادسة يا أخا اليهود فإنا وردنا مع رسول الله مدينة أصحابك خيبر على رجال من اليهود وفرسانها من قريش وغيرها، فتلقونا بأمثال الجبال من الخيل والرجال والسلاح، وهم في أمنع دار (2) وأكثر عدد، كل ينادي ويدعو ويبادر إلى القتال فلم يبرز إليهم من أصحابي أحد إلا قتلوه، حتى إذا احمرت الحدق ودعيت إلى النزال و أهمت كل امرئ نفسه، والتفت بعض أصحابي إلى بعض وكل يقول يا أبا الحسن انهض، فأنهضني رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى دارهم، فلم يبرز إلي منهم أحد إلا قتلته، ولا يثبت لي فارس إلا طحنة، ثم شددت عليهم شدة الليث على فريسته حتى أدخلتهم جوف مدينتهم مسددا عليهم، فاقتلعت باب حصنهم بيدي حتى دخلت عليهم مدينتهم وحدي أقتل من يظهر فيها من رجالها وأسبي من أجد من نسائها حتى افتتحتها وحدي ولم يكن لي فيها معاون إلا الله وحده ثم التفت إلى أصحابه فقال أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
فقال: وأما السابعة يا أخا اليهود فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما توجه لفتح مكة أحب أن يعذر إليهم ويدعوهم إلى الله عز وجل آخرا كما دعاهم أولا، فكتب إليهم كتابا يحذرهم فيه وينذرهم عذاب الله، ويعدهم الصفح ويمنيهم مغفرة ربهم، ونسنخ لهم في آخره سورة براءة لتقرأ عليهم، ثم عرض على جميع أصحابه المضي به فكلهم يرى التثاقل فيه، فلما رأى ذلك ندب منهم رجلا فوجهه به، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، فأنبأني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك ووجهني بكتابه ورسالته إلى