بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ١٨١
ثم قال: وفي هذا دلالة على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وآله لأنه أخبر بالشئ قبل كونه فوجد على ما أخبر به (1).
قوله تعالى: " يريدون أن يطفؤوا نور الله " قال الرازي: المقصود منه بيان نوع ثالث من الافعال القبيحة الصادرة عن رؤساء اليهود والنصارى، وهو سعيهم في إبطال أمر محمد صلى الله عليه وآله، وجدهم في إخفاء الدلائل الدالة على صحة شرعه، وقوة دينه، والمراد من النور الدلائل الدالة على صحة نبوته صلى الله عليه وآله وهي أمور كثيرة:
أحدها المعجزات القاهرة التي ظهرت على يده، فإن المعجز إما أن يكون دليلا على الصدق أو لا يكون، فعلى الأول فحيث ظهر المعجز لابد من حصول الصدق، وإن لم يدل على الصدق قدح ذلك في نبوة موسى وعيسى عليهما السلام.
وثانيها: القرآن العظيم الذي ظهر على لسان محمد صلى الله عليه وآله، مع أنه من أول عمره إلى آخره ما تعلم وما استفاد وما نظر في كتاب، وذلك من أعظم المعجزات.
وثالثها: أن حاصل شريعته تعظيم الله والثناء عليه، والانقياد لطاعته، وصرف النفس عن حب الدنيا، والترغيب في سعادات الآخرة، والعقل يدل على أنه لا طريق إلى الله إلا من هذا الوجه ورابعها: أن شرعه كان خاليا عن جميع العيوب، فليس فيه إثبات ما لا يليق بالله، وليس فيه دعوة إلى غير الله، وقد ملك البلاد العظيمة، وما غير طريقته في استحقار الدنيا وعدم الالتفات إليها، ولو كان مقصوده طلب الدنيا لما بقي الامر كذلك، فهذه الأحوال دلائل نيرة، وبراهين باهرة على صحة قوله، وإنهم (2) بكلماتهم الركيكة وشبهاتهم السخيفة وأنواع كفرهم ومكرهم أرادوا إبطال هذه الدلائل، فكان هذا جاريا مجرى من يريد إبطال نور الشمس بأن ينفخ فيها، ثم إنه تعالى وعد محمدا صلى الله عليه وآله مزيد النصرة، وإعلاء الدرجة، فقال: " ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون " وقال في قوله تعالى: " هو الذي أرسل رسوله " اعلم أن كمال حال الأنبياء لا يحصل إلا بأمور.

(1) مجمع البيان 4: 541 و 542.
(2) في المصدر: ثم إنهم.
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390