بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ١٤٨
وقال لغلمانه: من ذا الذي دخل علي بغير إذني؟ ايتوني به سريعا "، فسعى إليه الغلمان والخدم فاختطفوه من البستان، فلما دخل عبد المطلب عليه رأى قصرا " مبنيا " على حجر، مطلى بطلاء الوردي، منقشا " بنقش اللازوردي، وورد على أمثال الورد، ورأي عن يمين الملك وعن شماله وبين يديه من الجواري ما لا عدد لهن، ورأي بقرب الملك عمودا " من عقيق أحمر، وله رأس من ياقوت أزرق، مجوف محشى بالمسك، ورأي عن يساره تورا " (1) من ذهب أحمر، وعلى فخذه سيف نقمته مكتوب عليه بماء الذهب. شعر:
رب ليث مدجج كان يحمي * ألف قرن منغمد الأغمادي وخميس ملفف بخميس * بدد (2) الدهر جمعهم في البلاد قال الواقدي: فوقف عبد المطلب بين يديه ولم يتكلم له الملك ولا عبد المطلب حتى كرع الملك في التور الذي بين يديه، فلما فرغ من شربه نظر إليه وكان سيف قد شاهد عبد المطلب قبل هذا، ولكنه أنكره حتى استنطقه، فقال له الملك: من الرجل؟ فقال أنا عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، حتى بلغ آدم عليه السلام، فقال له الملك: أنت ابن أختي؟ فقال: نعم أيها الملك أنا ابن أختك، وذلك أن سيف بن ذي يزن كان من آل قحطان، وآل قحطان من الأخ، وآل إسماعيل من الأخت، فعلم سيف بن ذي يزن أن عبد المطلب ابن أخته، فقال سيف:
أهلا " وسهلا " وناقة " ورحلا "، ومد الملك يده إلى عبد المطلب، وكذلك عبد المطلب إلى نحو الملك، فأمره الملك بالقعود وكناه بأبي الحارث، أنتم معاشر أهل الشار، رجال الليل والنهار، وغيوث الجدب والغلاء، وليوث الحرب بضرب الطلا، ثم قال: يا أبا الحارث فيم جئت؟ فقال له عبد المطلب: نحن جيران بيت الله الحرام، وسدنة البيت (3)، وقد جئت إليك وأصحابي بالباب لنهنئك بولايتك وما فوضه الله تعالى من النصر لك وأجراه على يديك من هلاك عدوك، فالحمد لله الذي نصرك، وأقر عينيك، وأفلج حجتك (4)، وأقر

(1) التور: اناء صغير.
(2) بدد: فرق.
(3) سدنة: جمع السادن: خادم الكعبة.
(4) أي أظهرها وقدمها.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست