تكرهون، وإياكم والنظرة فإنها تزرع في قلب صاحبها الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة.
يا طوبى لمن يرى بعينيه (1) الشهوات ولم يعمل بقلبه المعاصي، ما أبعد ما قد فات وأدنى ما هو آت! ويل للمغترين لو قد آزفهم ما يكرهون، (2) وفارقهم ما يحبون، و جاءهم ما يوعدون، في خلق هذا الليل والنهار معتبر، ويل لمن كانت الدنيا همه، والخطايا عمله، كيف يفتضح غدا عند ربه؟ ولا تكثروا الكلام في غير ذكر الله، فإن الذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله قاسية قلوبهم ولكن لا يعلمون، لا تنظروا إلى عيوب الناس كأنكم رئايا عليهم، ولكن انظروا في خلاص أنفسكم فإنما أنتم عبيد مملوكون، إلى كم يسيل الماء على الجبل لا يلين؟! إلى كم تدرسون الحكمة لا يلين عليها قلوبكم؟! عبيد السوء فلا عبيد أتقياء، (3) ولا أحرار كرام، إنما مثلكم كمثل الدفلى يعجب بزهرها من يراها، ويقتل من طعمها. والسلام. (4) بيان: قال الفيروزآبادي: الدفل بالكسر وكذكرى: نبت مر فارسيته:
" خرزهره " قتال، زهره كالورد الأحمر، وحمله كالخرنوب. (5) 39 - العدة: قال عيسى عليه السلام: بحق أقول لكم: كما نظر (6) المريض إلى الطعام فلا يلتذ به من شدة الوجع كذلك صاحب الدنيا لا يلتذ بالعبادة ولا يجد حلاوتها مع ما يجده من حلاوة الدنيا.
بحق أقول لكم: كما أن الدابة إذا لم تركب وتمتهن تصعبت وتغير خلقها كذلك القلوب إذا لم ترقق (7) بذكر الموت وبنصب العبادة تقسو وتغلظ.