بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٣ - الصفحة ٢٧٦
بقرتين مثل بقرتك فلم يفعل الفتى، وقال: اذهب فتوكل على الله، ولو علم الله تعالى منك اليقين لبلغك بلا زاد ولا راحلة، فقال إبليس: إن شئت فبعنيها بحكمك، وإن شئت فاحملني عليها وأعطيك عشرة مثلها، (1) فقال الفتى: إن أمي لم تأمرني بهذا، فبين الفتى كذلك إذ طار طائر من بين يدي البقرة ونفرت البقرة هاربة في الفلاة، وغاب الراعي، فدعاها الفتى باسم إله إبراهيم فرجعت البقرة إليه، فقالت: أيها الفتى البار بوالدته ألم تر إلى الطائر الذي طار، فإنه إبليس عدو الله اختلسني، أما إنه لو ركبني لما قدرت علي أبدا، فلما دعوت إله إبراهيم جاء ملك فانتزعني من يد إبليس وردني إليك لبرك بأمك وطاعتك لها، فجاء بها الفتى إلى أمه فقالت له: إنك فقير لا مال لك، ويشق عليك الاحتطاب بالنهار والقيام بالليل، فانطلق فبع هذه البقرة وخذ ثمنها، قال لامه: بكم أبيعها؟ قالت: بثلاثة دنانير ولا تبعها بغير رضاي ومشورتي، وكان ثمن البقرة في ذلك الوقت ثلاثة دنانير، فانطلق بها الفتى إلى السوق فعقبه الله (2) سبحانه ملكا ليري خلقه قدرته، وليختبر الفتى كيف بره بوالدته، وكان الله به خبيرا، فقال له الملك: بكم تبيع هذه البقرة؟ قال: بثلاثة دنانير، وأشترط عليك رضى أمي، فقال له الملك: ستة دنانير ولا تستأمر أمك، فقال الفتى: لو أعطيتني وزنها ذهبا لم آخذه إلا برضى أمي، فردها إلى أمه وأخبرها بالثمن، فقالت:
ارجع فبعها بستة دنانير على رضى مني، فانطلق الفتى بالبقرة إلى السوق فأتى الملك فقال: استأمرت والدتك؟ فقال الفتى: نعم إنها أمرتني أن لا أنقصها من ستة دنانير على أن أستأمرها، قال الملك: فإني أعطيك اثني عشر (3) على أن لا تستأمرها، فأبى الفتى ورجع إلى أمه وأخبرها بذلك، فقالت: إن ذاك الرجل الذي يأتيك هو ملك من الملائكة يأتيك في صورة آدمي ليجربك، فإذا أتاك فقل له: أتأمرنا أن نبيع هذه البقرة أم لا؟
ففعل ذلك فقال له الملك: اذهب إلى أمك وقل لها: امسكي هذه البقرة فإن موسى يشتريها منكم لقتيل يقتل في بني إسرائيل فلا تبيعوها إلا بملء مسكها دنانير، فأمسكا البقرة وقدر الله تعالى على بني إسرائيل ذبح تلك البقرة بعينها مكافاة على بره بوالدته،

(1) في المصدر: عشرة أمثالها.
(2) في المصدر: فبعث الله.
(3) في المصدر: اثنى عشر دينارا.
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 نقش خاتم موسى وهارون عليهما السلام وعلل تسميتهما و بعض أحوالهما، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 أحوال موسى عليه السلام من حين ولادته إلى نبوته، وفيه 21 حديثا. 13
4 باب 3 معنى قوله تعالى: (فاخلع نعليك) وقول موسى عليه السلام: (واحلل عقدة من لساني) وأنه لم سمي الجبل طور سيناء، وفيه خمسة أحاديث. 64
5 باب 4 بعثة موسى وهارون عليهما السلام على فرعون، وأحوال فرعون وأصحابه وغرقهم، وما نزل عليهم من العذاب قبل ذلك، وإيمان السحرة وأحوالهم، وفيه 61 حديثا 67
6 باب 5 أحوال مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون، وفيه ستة أحاديث 157
7 باب 6 خروج موسى عليه السلام من الماء مع بني إسرائيل وأحوال التيه، وفيه 21 حديثا. 165
8 باب 7 نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل وما يتعلق بها، وفيه 51 حديثا. 195
9 باب 8 قصة قارون، وفيه خمسة أحاديث. 249
10 باب 9 قصة ذبح البقرة، وفيه سبعة أحاديث. 259
11 باب 10 قصص موسى وخضر عليهما السلام، وفيه 55 حديثا. 278
12 باب 11 ما ناجى به موسى عليه السلام ربه وما أوحي إليه من الحكم والمواعظ وما جرى بينه وبين إبليس لعنه الله وفيه 80 حديثا. 323
13 باب 12 وفاة موسى وهارون عليهما السلام وموضع قبرهما، وبعض أحوال يوشع بن نون عليه السلام، وفيه 22 حديثا. 363
14 باب 13 تمام قصة بلعم بن باعور، وفيه ثلاثة أحاديث. 377
15 باب 14 قصة حزقيل عليه السلام، وفيه تسعة أحاديث. 381
16 باب 15 قصص إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد وبيان أنه غير إسماعيل بن إبراهيم، وفيه سبعة أحاديث. 388
17 باب 16 قصة إلياس وإليا واليسع عليهم السلام، وفيه عشرة أحاديث. 392
18 باب 17 قصص ذي الكفل عليه السلام، وفيه حديثان. 404
19 باب 18 قصص لقمان وحكمه، وفيه 28 حديثا. 408
20 باب 19 قصص إشموئيل عليه السلام وتالوت وجالوت وتابوت السكينة، وفيه 22 حديثا. 435