بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٣٢٣
الآخرة لانهماكهم في كفرهم الذين (1) يعلمون أنهم لاحظ لهم معه في شئ من خيرات الجنة " ومن الذين أشركوا " قال تعالى: هؤلاء اليهود أحرص الناس على حياة، وأحرص من الذين أشركوا على حياة، يعني المجوس لأنهم لا يرون النعيم إلا في الدنيا، ولا يؤملون خيرا في الآخرة، فلذلك هم أشد الناس حرصا على حياة، ثم وصف اليهود فقال: " يود أحدهم " يتمنى أحدهم " أن يعمر ألف سنة وما هو " أي التعمير ألف سنة " بمزحزحه " بمباعده من العذاب " أن يعمر " تعميره، وإنما قال: " وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر " ولم يقل: وما هو بمزحزحه فقط؟ لأنه لو قال: وما هو بمزحزحه من العذاب والله بصير لكان يحتمل أن يكون وما هو يعني وده وتمنيه بمزحزحه، فلما أراد وما تعميره قال: وما هو بمزحزحه أن يعمر، ثم قال: " والله بصير بما يعملون " فعلى حسبه يجازيهم ويعدل عليهم ولا يظلمهم.
قال الحسن بن علي عليه السلام: لما كاعت اليهود عن هذا التمني وقطع الله معاذيرهم قالت طائفة منهم - وهم بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله وقد كاعوا وعجزوا -: يا محمد فأنت والمؤمنون المخلصون لك مجاب دعاؤكم؟ وعلي أخوك ووصيك أفضلهم وسيدهم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بلى.
قالوا: يا محمد فإن كان هذا كما زعمت فقل لعلي يدعوا الله لابن رئيسنا هذا فقد كان من الشباب جميلا نبيلا وسيما قسميا: لحقه برص وجذام وقد صار حمى لا يقرب، ومهجورا لا يعاشر، يناول الخبز على أسنة الرماح. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ايتوني به، فاتي به، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه منه إلى منظر فظيع سمج قبيح كريه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا حسن ادع الله له بالعافية، فإن الله يجيبك فيه، فدعا له فلما كان بعد (عند خ ل) فراغه من دعائه إذا الفتى قد زال عنه كل مكروه وعاد إلى أفضل ما كان عليه من النبل والجمال والوسامة والحسن في المنظر.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للفتى: يا فتى آمن بالذي أغاثك من بلائك. قال الفتى:
قد آمنت - وحسن إيمانه - فقال أبوه: يا محمد ظلمتني وذهبت مني بابني، يا ليته كان أجذم

(1) في نسخة: لأنهما كهم في كفرهم الذي.
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست