بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٧٤
قال محمد بن علي الباقر عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قدم المدينة وظهرت آثار صدقه وآيات حقيته وبينات نبوته كادت اليهود أشد كيد وقصدوه أقبح قصد، يقصدون أنواره ليطمسوها، وحجته ليبطلوها، فكان ممن قصده للرد عليه وتكذيبه مالك بن الصيف وكعب بن الأشرف وحيي بن أخطب وحدي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب، وأبو لبابة بن عبد المنذر، (1) فقال: مالك لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا محمد تزعم أنك رسول الله؟
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كذلك قال الله خالق الخلق أجمعين، قال: يا محمد لن نؤمن لك أنك رسوله حتى يؤمن لك هذا البساط الذي تحتي. إلى آخر ما سيأتي في أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله.
" ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم " الآية، قال عليه السلام: أي وسمها بسمة يعرفها من يشاء من ملائكته إذا نظر إليها، بأنهم الذين لا يؤمنون " وعلى سمعهم " " وعلى أبصارهم غشاوة " وذلك أنهم لما أعرضوا عن النظر فيما كلفوه وقصروا فيما أريد منهم جهلوا ما لزمهم الايمان به، فصاروا كمن على عينيه غطاء لا يبصر ما أمامه، فإن الله عز وجل يتعالى عن العبث والفساد وعن مطالبة العباد بما قد منعهم بالقهر منه فلا يأمرهم بمغالبته ولا بالمسير إلى ما قد صدهم بالعجز عنه " ولهم عذاب عظيم " يعني في الآخرة العذاب المعد للكافرين، وفي الدنيا أيضا لمن يريد أن يستصلحه بما ينزل به من عذاب الاستصلاح لينبهه لطاعته، أو من عذاب الاصطلام ليصيره إلى عدله و حكمته. (2) 3 - تفسير علي بن إبراهيم: " ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين " فإنها نزلت في قوم منافقين أظهروا لرسول الله صلى الله عليه وآله الاسلام، وكانوا إذا رأوا الكفار قالوا: " إنا معكم " وإذا لقوا المؤمنين قالوا: نحن مؤمنون، وكانوا يقولون للكفار " إنا معكم إنما نحن مستهزءون " فرد الله عليهم " الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم

(1) في المصدر: وشيبة.
(2) تفسير العسكري: 33 و 36.
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست