بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٦٧
خلقه أحد، أو من العائد المحذوف، أي من خلقته فريدا لا مال له ولا ولد، أو ذم فإنه كان ملقبا به فسماه الله تهكما به، أو أراد أنه وحيد في الشرارة، أو عن أبيه لأنه كان زنيما " وجعلت له مالا ممدودا " مبسوطا كثيرا، أو ممددا بالنماء، وكان له الزرع والضرع والتجارة " وبنين شهودا " حضورا معه بمكة يتمتع بلقائهم لا يحتاجون إلى سفر لطلب المعاش استغناء بنعمته، ولا يحتاج أن يرسلهم في مصالحه لكثرة خدمه، أو في المحافل والأندية لوجاهتهم، قيل: كان له عشرة بنين أو أكثر كلهم رجال، فأسلم منهم ثلاثة: خالد وعمارة وهشام " ومهدت له تمهيدا " وبسطت له الرياسة والجاه العريض حتى لقب ريحانة قريش والوحيد، أي باستحقاق الرياسة والتقدم " ثم يطمع أن أزيد " على ما أوتيه، وهو استبعاد لطمعه، إما لأنه لا مزيد على ما أوتي، أو لأنه لا يناسب ما هو عليه من كفران النعم ومعاندة المنعم، ولذلك قال: " كلا إنه كان لآياتنا عنيدا " فإنه ردع له عن الطمع وتعليل للردع على سبيل الاستيناف بمعاندة آيات المنعم، قيل: ما زال بعد نزول هذه الآية في نقصان ماله حتى هلك " سأرهقه صعودا " سأغشيه عقبة شاقة المصعد، وهو مثل لما يلقى من الشدائد. وعنه عليه السلام:
الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا، ثم يهوى فيه كذلك أبدا.
" إنه فكر وقدر " تعليل للوعيد، أو بيان للعناد، والمعنى: فكر فيما يخيل طعنا في القرآن، وقدر في نفسه ما يقول فيه " فقتل كيف قدر " تعجيب من تقديره استهزاء به، أو لأنه أصاب أقصى ما يمكن أن يقال عليه، من قولهم: قتله الله ما أشجعه!.
روي أنه مر بالنبي صلى الله عليه وآله وهو يقرء حم السجدة، فأتى قومه وقال: قد سمعت من محمد صلى الله عليه وآله آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس والجن، إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، (1) وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، (2) وإنه ليعلو ولا يعلى، فقال قريش: صبأ الوليد، (3) فقال ابن أخيه أبو جهل: أنا أكفيكموه، فقعد إليه حزينا وكلمه بما أحماه فقام فناداهم

(1) الطلاوة بالتثليث: الحسن والبهجة.
(2) من أغدقت الأرض: أخصبت.
(3) صبأ: خرج من دين إلى دين آخر.
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست