بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ٢٢٩
وإن كان لئيما أسلمك، ثم لا يحشر إلا معك، ولا تحشر إلا معه، ولا تسأل إلا عنه، فلا تجعله إلا صالحا، فإنه إن صلح آنست به، وإن فسد لا تستوحش إلا منه، وهو فعلك، الخبر.
ثم قال: قال بعض أصحاب القلوب: إن الحيات والعقارب بل والنيران التي تظهر في القبر والقيامة هي بعينها الاعمال القبيحة والأخلاق الذميمة والعقائد الباطلة التي ظهرت في هذه النشأة بهذه الصورة، وتجلببت بهذه الجلابيب، كما أن الروح والريحان والحور والثمار هي الأخلاق الزكية والأعمال الصالحة والاعتقادات الحقة التي برزت في هذا العالم بهذا الزي وتسمت بهذا الاسم، إذ الحقيقة الواحدة تختلف صورها باختلاف الأماكن، فتحلى في كل موطن بحلية، وتزيى في كل نشأة بزي، وقالوا:
إن اسم الفاعل في قوله تعالى: " يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين " ليس بمعنى الاستقبال بأن يكون المراد أنها ستحيط بهم في النشأة أخرى، كما ذكره الظاهريون من المفسرين، بل هو على حقيقته أي معنى الحال فإن قبائحهم الخلقية والعملية والاعتقادية محيطة بهم في هذه النشأة، وهي بعينها جهنم التي ستظهر عليهم في النشأة الأخروية بصورة النار وعقاربها وحياتها، وقس على ذلك قوله تعالى: " الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا " و كذلك قوله تعالى: " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا " ليس المراد أنها تجد جزاءه بل تجده بعينه لكن ظاهرا في جلباب آخر، وقوله تعالى: " فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون " كالصريح في ذلك ومثله في القرآن العزيز كثير، وورد في الأحاديث النبوية منه ما لا يحصى كقوله صلى الله عليه وآله: الذي يشرب في آنية الذهب والفضة فإنما يجرجر في جوفه نار جهنم، وقوله صلى الله عليه وآله: الظلم ظلمات يوم القيامة، وقوله صلى الله عليه وآله: الجنة قيعان وإن غراسها: سبحان الله وبحمده، إلى غير ذلك من الأحاديث المتكثرة، والله الهادي، انتهى كلامه رفع الله مقامه.
أقول: القول باستحالة انقلاب الجوهر عرضا والعرض جوهرا في تلك النشأة مع القول بإمكانها في النشأة الآخرة قريب من السفسطة إذا النشأة الآخرة ليست إلا مثل تلك
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 3 إثبات الحشر وكيفيته وكفر من أنكره، وفيه 31 حديثا. 1
3 باب 4 أسماء القيامة واليوم الذي تقوم فيه، وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، وفيه 15 حديثا. 54
4 باب 5 صفحة المحشر، وفيه 63 حديثا. 62
5 باب 6 مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها، وأنه يؤتى بجهنم فيها، وفيه 11 حديثا. 121
6 باب 7 ذكر كثرة أمة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة، وعدد صفوف الناس فيها، وحملة العرش فيها، وفيها ستة أحاديث. 130
7 باب 8 أحوال المتقين والمجرمين في القيامة، وفيه 147 حديثا. 131
8 باب ثامن آخر في ذكر الركبان يوم القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 230
9 باب 9 أنه يدعى الناس بأسماء أمهاتهم إلا الشيعة، وأن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره، وفيه 12 حديثا. 237
10 باب 10 الميزان، وفيه عشرة أحاديث. 242
11 باب 11 محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه، وفيه حشر الوحوش، فيه 51 حديثا. 253
12 باب 12 السؤال عن الرسل والأمم، وفيه تسعة أحاديث. 277
13 باب 13 ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، وفيه ثلاثة أحاديث. 285
14 باب 14 ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 286
15 باب 15 الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها، وفيه 79 حديثا. 290
16 باب 16 تطاير الكتب وإنطاق الجوارح، وسائر الشهداء في القيامة، وفيه 22 حديثا 306
17 باب 17 الوسيلة وما يظهر من منزلة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وفيه 35 حديثا. 326