بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ٢٢٠
وسكنت الحركات، وقد نبههم هول يوم القيامة والوعيد كما قال سبحانه: " أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون " فاستيقظوا لها فزعين، وقاموا إلى صلاتهم معولين (1) باكين تارة، وأخرى مسبحين، يبكون في محاريبهم ويرنون، يصطفون ليلة مظلمة بهماء يبكون، فلو رأيتهم يا أحنف في ليلتهم قياما على أطرافهم، منحنية ظهورهم، يتلون أجزاء القرآن لصلاتهم، قد اشتدت أعوالهم ونحيبهم وزفيرهم، إذا زفروا خلت النار قد أخذت منهم إلى حلاقيمهم، وإذا أعولوا حسبت السلاسل قد صفدت في أعناقهم، فلو رأيتهم في نهارهم إذا لرأيت قوما يمشون على الأرض هونا ويقولون للناس حسنا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، وإذا مروا باللغو مروا كراما قد قيدوا أقدامهم من التهمات، وأبكموا ألسنتهم أن يتكلموا في أعراض الناس، وسجموا أسماعهم أن يلجها خوض خائض، وكحلوا أبصارهم بغض البصر من المعاصي، وانتحوا دار السلام التي من دخلها كان آمنا من الريب والأحزان، فلعلك يا أحنف شغلك نظرك إلى الدنيا عن الدار التي خلقها الله سبحانه من لؤلؤة بيضاء، فشقق فيها أنهارها، وكبسها بالعواتق من حورها، ثم سكنها أولياؤه وأهل طاعته، فلو رأيتهم يا أحنف وقد قدموا على زيادات ربهم سبحانه صوتت رواحلهم بأصوات لم يسمع السامعون بأحسن منها، وأظلتهم غمامة فأمطرت عليهم المسك والزعفران، وصهلت خيولها بين أغراس تلك الجنان، وتخللت بهم نوقهم بين كتب الزعفران، ويتطأمن (2) تحت أقدامهم اللؤلؤ والمرجان، واستقبلتهم قهارمتها (3) بمنابر الريحان وهاجت لهم ريح من قبل العرش فنثرت عليهم الياسمين والأقحوان، ذهبوا إلى بابها فيفتح لهم الباب رضوان، ثم يسجدون لله في فناء الجنان، فقال لهم الجبار: ارفعوا رؤوسكم فإني قد رفعت عنكم مؤونة العبادة وأسكنتكم جنة الرضوان، فإن فاتك يا أحنف ما ذكرت في صدر كلامي لتتركن في سرابيل القطران، ولتطوفن بينها وبين حميم آن، ولتسقين شرابا حار الغليان، فكم يومئذ في النار من صلب محطوم،

(1) أي رافعين صوتهم بالبكاء والصياح.
(2) تطأ من: انخفض.
(3) جمع القهرمان: الوكيل، أو أمين الدخل والخرج.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 3 إثبات الحشر وكيفيته وكفر من أنكره، وفيه 31 حديثا. 1
3 باب 4 أسماء القيامة واليوم الذي تقوم فيه، وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، وفيه 15 حديثا. 54
4 باب 5 صفحة المحشر، وفيه 63 حديثا. 62
5 باب 6 مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها، وأنه يؤتى بجهنم فيها، وفيه 11 حديثا. 121
6 باب 7 ذكر كثرة أمة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة، وعدد صفوف الناس فيها، وحملة العرش فيها، وفيها ستة أحاديث. 130
7 باب 8 أحوال المتقين والمجرمين في القيامة، وفيه 147 حديثا. 131
8 باب ثامن آخر في ذكر الركبان يوم القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 230
9 باب 9 أنه يدعى الناس بأسماء أمهاتهم إلا الشيعة، وأن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره، وفيه 12 حديثا. 237
10 باب 10 الميزان، وفيه عشرة أحاديث. 242
11 باب 11 محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه، وفيه حشر الوحوش، فيه 51 حديثا. 253
12 باب 12 السؤال عن الرسل والأمم، وفيه تسعة أحاديث. 277
13 باب 13 ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، وفيه ثلاثة أحاديث. 285
14 باب 14 ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 286
15 باب 15 الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها، وفيه 79 حديثا. 290
16 باب 16 تطاير الكتب وإنطاق الجوارح، وسائر الشهداء في القيامة، وفيه 22 حديثا 306
17 باب 17 الوسيلة وما يظهر من منزلة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وفيه 35 حديثا. 326