بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٨١
ويروي: أن السماحة والشجاعة; فقال: " ضمنا " ولم يقل: " ضمنتا " قال الفراء لأنه ذهب إلى أن السماحة والشجاعة مصدران، والعرب تقول: قصارة الثوب يعجبني لان تأنيث المصادر يرجع إلى الفعل وهو مذكر، على أن قوله تعالى: " إلا من رحم ربك " كما يدل على الرحمة يدل أيضا على أن يرحم فإذا جعلنا الكناية بلفظة ذلك عن أن يرحم كان التذكير في موضعه لان الفعل مذكر، ويجوز أيضا أن يكون قوله تعالى: " ولذلك خلقهم " كناية عن اجتماعهم على الايمان وكونهم فيه أمة واحدة لا محالة أنه لهذا خلقهم ويطابق هذه الآية قوله تعالى: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " وقد قال قوم في قوله تعالى: " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة " معناه أنه لو شاء أن يدخلهم أجمعين الجنة فيكونوا في وصول جميعهم إلى النعيم أمة واحدة، وأجرى هذه الآية مجرى قوله تعالى:
" ولو شئنا لآتينا كل نفس هديها " في أنه أراد هداها إلى طريق الجنة، فعلى هذا التأويل يمكن أن ترجع لفظة ذلك إلى إدخالهم أجمعين إلى الجنة لأنه تعالى إنما خلقهم للمصير إليها والوصول إلى نعيمها. فأما قوله: " ولا يزالون مختلفين " فمعناه الاختلاف في الدين والذهاب عن الحق فيه بالهوى والشبهات. وذكر أبو مسلم محمد بن بحر في قوله تعالى: " ولا يزالون مختلفين " وجها غريبا وهو أن يكون معناه أن خلف هؤلاء الكافرين يخلف سلفهم في الكفر لأنه سواء قولك: خلف بعضهم بعضا وقولك: اختلفوا، كما سواء قولك: قتل بعضهم بعضا، واقتتلوا. ومنه قولهم: لا أفعل كذا ما اختلف العصران والجديدان أي جاء كل واحد منهما بعد الآخر; فأما الرحمة فليست رقة القلب، لكنها فعل النعم والاحسان; يدل على ذلك أن من أحسن إلى غيره وأنعم عليه يوصف بأنه رحيم وإن لم تعلم منه رقة قلبه عليه.
فإن قيل: إذا كانت الرحمة هي النعمة وعندكم أن نعم الله تعالى شاملة للخلق أجمعين فأي معنى للاستثناء " من رحم " من جملة " المختلفين " إن كانت الرحمة هي النعمة؟
وكيف يصح اختصاصها بقوم دون قوم وهي عندكم شاملة عامة؟.
قلنا: لا شبهة في أن نعم الله سبحانه شاملة للخلق أجمعين غير أن في نعمه أيضا ما
(١٨١)
مفاتيح البحث: محمد بن بحر (1)، القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331