بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٢٩١
يا فتح كل جسم مغذي بغذاء إلا الخالق الرازق، فإنه جسم الأجسام وهو ليس بجسم ولا صورة، لم يتجزأ ولم يتناه، ولم يتزايد ولم يتناقص، مبرأ من ذات ما ركب في ذات من جسمه، وهو اللطيف الخبير، السميع البصير، الواحد الأحد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، منشئ الأشياء ومجسم الأجسام، ومصور الصور، لو كان كما تقول المشبهة لم يعرف الخالق من المخلوق، ولا الرازق من المرزوق، ولا المنشئ من المنشأ، لكنه المنشئ فرق بين من جسمه وصوره وشيأه وبينه إذا كان لا يشبهه شئ.
قلت: فالله واحد والانسان واحد فليس قد تشابهت الوحدانية؟ قال: أحلت ثبتك الله إنما التشبيه في المعاني، وأما في الأسماء فهي واحدة، وهي دلالة على المسمى، وذلك أن الانسان وإن قيل واحد فإنه يخبر أنه جثة واحدة وليس باثنين، و الانسان نفسه ليس بواحد لان أعضاءه مختلفة، وألوانه مختلفة غير واحدة، وهو أجزاء مجزى، ليس سواء (1) دمه غير لحمه، ولحمه غير دمه، وعصبه غير عروقه، وشعره غير بشره، وسواده غير بياضه، وكذلك سائر جميع الخلق فالانسان واحد في الاسم لا واحد في المعنى، (2) والله جل جلاله واحد لا واحد غيره، ولا اختلاف فيه ولا تفاوت، ولا زيادة ولا نقصان، فأما الانسان المخلوق المصنوع المؤلف فمن أجزاء مختلفة وجواهر شتى، غير أنه بالاجتماع شئ واحد.
قلت: فقولك: اللطيف فسره لي، فإني أعلم أن لطفه خلاف لطف غيره للفصل غير أني أحب أن تشرح لي. فقال: يا فتح إنما قلت: اللطيف للخلق اللطيف و لعلمه بالشئ اللطيف، ألا ترى إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف وفي الخلق اللطيف من أجسام الحيوان من الجرجس والبعوض وما هو أصغر منهما مما لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى، والمولود من القديم، فلما رأينا صغر ذلك في لطفه واهتدائه للسفاد، والهرب من الموت، والجمع لما يصلحه مما في لجج

(1) في نسخة من التوحيد: ليست بسواء.
(2) في التوحيد المطبوع: فالانسان واحد بالاسم لا واحد بالمعنى.
(٢٩١)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322