لأنه قد وصفه عز وجل بصفة من صفات فعله وهو مصيب أيضا، والصمد: الذي ليس بجسم ولا جوف له.
أقول: وقد أخرجت في معنى الصمد في تفسير قل هو الله أحد في هذا الكتاب معاني أخرى لم أحب إعادتها في هذا الباب " الأول والاخر " الأول والآخر معناهما أنه الأول بغير ابتداء، والآخر بغير انتهاء.
" السميع " السميع معناه إذا وجد المسموع كان له سامعا، ومعنى ثان أنه سميع الدعاء أي مجيب الدعاء، وأما السامع فإنه يتعدى إلى مسموع ويوجب وجوده، ولا يجوز فيه بهذا المعنى لم يزل، والباري عز وجل سميع لذاته.
" البصير " البصير معناه إذا كانت المبصرات كان لها مبصرا فلذلك جاز أن يقال:
لم يزل بصيرا، ولم يجز أن يقال: لم يزل مبصرا لأنه يتعدى إلى مبصر ويوجب وجوده، والبصارة في اللغة مصدر البصيرة وبصر بصارة، والله عز وجل بصير لذاته، وليس وصفنا له تبارك وتعالى بأنه سميع بصير وصفا بأنه عالم بل معناه ما قدمناه من كونه مدركا، وهذه الصفة صفة كل حي لا آفة به.
بيان: أي ليس السمع والبصر مطلق العلم بل العلم بالجزئيات المخصوصة أو نوع خاص من العلم وقد مر تحقيقه " القدير والقاهر " القدير والقاهر معناهما أن الأشياء لا تطيق الامتناع منه ومما يريد الانفاذ فيها، وقد قيل: إن القادر من يصح منه الفعل إذا لم يكن في حكم الممنوع، والقهر: الغلبة، والقدرة مصدر قولك: قدر قدرة أي ملك فهو قدير قادر مقتدر، وقدرته على ما لم يوجد واقتداره على إيجاده هو قهره وملكه لها، وقد قال عز ذكره: " مالك يوم الدين " ويوم الدين لم يوجد بعد، ويقال: إنه عز وجل قاهر لم يزل، ومعناه أن الأشياء لا تطيق الامتناع منه ومما يريد إنفاذه فيها، ولم يزل مقتدرا عليها، ولم تكن موجودة كما يقال: مالك يوم الدين ويوم الدين لم يوجد.