بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٧٨
فإن هذه المواضع لو جعلت كذلك كان فيه هلاك الانسان، ثم كان لا يستطيع أن يسيغ طعاما إذا لم يكن في الفم بلة تنفذه، تشهد بذلك المشاهدة.
وأعلم أن الرطوبة مطية الغذاء. وقد تجري من هذه البلة إلى موضع آخر من المرة فيكون في ذلك صلاح تام للانسان، ولو يبست المرة لهلك الانسان، ولقد قال قوم من جهلة المتكلمين وضعفة المتفلسفين بقلة التميز وقصور العلم: لو كان بطن الانسان كهيئة القباء يفتحه الطبيب إذا شاء فيعاين ما فيه ويدخل يده فيعالج ما أراد علاجه ألم يكن أصلح من أن يكون مصمتا محجوبا عن البصر واليد، لا يعرف ما فيه إلا بدلالات غامضة كمثل النظر إلى البول وحس العرق وما أشبه ذلك مما يكثر فيه الغلط والشبهة حتى ربما كان ذلك سببا للموت. فلو علم هؤلاء الجهلة أن هذا لو كان هكذا كان أول ما فيه أنه كان يسقط عن الانسان الوجل من الأمراض والموت، وكان يستشعر البقاء ويغتر بالسلامة فيخرجه ذلك إلى العتو والأشر، ثم كانت الرطوبات التي في البطن تترشح وتتحلب فيفسد على الانسان مقعده ومرقده وثياب بذلته وزينته، بل كان يفسد عليه عيشه، ثم إن المعدة والكبد والفؤاد إنما تفعل أفعالها بالحرارة الغريزية التي جعلها الله محتبسة في الجوف، فلو كان في البطن فرج ينفتح حتى يصل البصر إلى رؤيته واليد إلى علاجه لوصل برد الهواء إلى الجوف فمازج الحرارة الغريزية وبطل عمل الأحشاء فكان في ذلك هلاك الانسان. أفلا ترى أن كل ما تذهب إليه الأوهام سوى ما جاءت به الخلقة خطأ وخطل؟.
ايضاح: الركب بالتحريك منبت العانة. ومستنقع الماء بالفتح: مجتمعه. وشرة الشباب بالكسر: حرصه ونشاطه. والعادية: الظلم والشر. والأشر بالتحريك: البطر وشدة الفرح. واللهوات جمع لهات وهي اللحمة في سقف أقصى الفم. وقوله عليه السلام: من المرة بيان لموضع آخر. وعتا عتوا: استكبر وجاوز الحد. ويقال: تحلب العرق أي سال. والخطل: المنطق الفاسد المضطرب.
فكريا مفضل في الافعال التي جعلت في الانسان من الطعم والنوم والجماع وما دبر فيها فإنه جعل لكل واحد منها في الطباع نفسه محرك يقتضيه ويستحث به
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309