بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٢٤٣
فأما توحيد الله تعالى ذكره فهو توحيده بصفاته العلى (1) وأسمائه الحسنى، و لذلك كان إلها واحدا لا شريك له ولا شبيه، والموحد هو من أقر به على ما هو عليه عز وجل من أوصافه العلى وأسمائه الحسنى على بصيرة منه ومعرفة وإيقان وإخلاص، و إذا كان ذلك كذلك فمن لم يعرف الله عز وجل متوحدا بأوصافه العلى وأسمائه الحسنى ولم يقر بتوحيده بأوصافه العلى فهو غير موحد، وربما قال جاهل من الناس: إن من وحد الله وأقر أنه واحد فهو موحد وإن لم يصفه بصفاته التي توحد بها، لان من وحد الشئ فهو موحد في أصل اللغة فيقال له: أنكرنا ذلك لان من زعم أن ربه إله واحد وشئ واحد ثم أثبت معه موصوفا آخر بصفاته التي توحد بها فهو عند جميع الأمة وسائر أهل الملل ثنوي غير موحد، ومشرك مشبه غير مسلم، وإن زعم أن ربه إله واحد، وشئ واحد، وموجود واحد، وإذا كان كذلك وجب أن يكون الله تبارك و تعالى متوحدا بصفاته التي تفرد بالإلهية من أجلها، وتوحد بالوحدانية لتوحده بها ليستحيل أن يكون إله آخر، ويكون الله واحدا والإله واحدا لا شريك له ولا شبيه لأنه إن لم يتوحد بها كان له شريك وشبيه كما أن العبد لما لم يتوحد بأوصافه التي من أجلها كان عبدا كان له شبيه، ولم يكن العبد واحدا وإن كان كل واحد منا عبدا واحدا، وإذا كان كذلك فمن عرفه متوحدا بصفاته، وأقر بما عرفه، واعتقد ذلك كان موحدا وبتوحيد ربه عارفا، والأوصاف التي توحد الله تعالى بها وتوحد بربوبيته لتفرده بها في الأوصاف التي يقتضي كل واحد منها أن لا يكون الموصوف بها إلا واحدا لا يشاركه فيه غيره ولا يوصف به إلا هو، وتلك الأوصاف هي كوصفنا له بأنه موجود واحد لا يصح أن يكون حالا في شئ، ولا يجوز أن يحله شئ، ولا يجوز عليه العدم والفناء والزوال، مستحق للوصف بذلك بأنه أول الأولين، وآخر الآخرين، قادر يفعل ما يشاء، لا يجوز عليه ضعف ولا عجز، مستحق للوصف بذلك بأنه أقدر القادرين، وأقهر القاهرين، عالم لا يخفى عليه شئ، ولا يغرب عنه شئ، لا يجوز عليه جهل ولا سهو، ولا شك ولا نسيان، مستحق للوصف بذلك بأنه أعلم العالمين، حي لا يجوز عليه موت ولا نوم،

(1) في نسخة: فهو توحده بصفاته العلى.
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309