طلبة العلم ثلاثة، فاعرفوهم بأعيانهم وصفاتهم: صنف يطلبه للجهل والمراء، وصنف يطلبه للاستطالة والختل، وصنف يطلبه للتفقه والعمل: فصاحب الجهل والمراء مؤذ ممار، متعرض للمقال في أندية الرجال، بتذاكر العلم وصفة الحلم، قد تسربل بالخشوع، وتخلى من الورع، فدق الله من هذا خيشومه وقطع منه حيزومه. وصاحب الاستطالة والختل ذو خب وملق، يستطيل على مثله من أشباهه، ويتواضع للأغنياء من دونه، فهو لحلوانهم هاضم، ولدينه حاطم، فأعمى الله على هذا خبره، وقطع من آثار العلماء أثره، وصاحب الفقه [خ ل:
التفقه] والعمل ذو كآبة وحزن وسهر، قد تحنك في برنسه، وقام الليل في حندسه، يعمل ويخشى وجلا داعيا مشفقا مقبلا على شأنه عارفا بأهل زمانه، مستوحشا من أوثق إخوانه، فشد الله من هذا أركانه وأعطاه يوم القيامة أمانه 1.
وروى الصدوق في كتاب " الخصال " بإسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال:
إن من العلماء من يحب أن يجمع علمه، ولا يحب أن يؤخذ عنه، فذاك في الدرك الأول من النار، ومن العلماء من إذا وعظ أنف، وإذا وعظ عنف، فذاك في الدرك الثاني من النار، ومن العلماء من يرى أن يضع العلم عند ذوي الثروة والشرف ولا يرى له في المساكين وضعا، فذاك في الدرك الثالث من النار، ومن العلماء من يذهب في علمه مذهب الجبابرة والسلاطين، فإن رد عليه و [خ ل: أو] قصر في شئ من أمره غضب، فذاك في الدرك الرابع من النار، ومن العلماء من يطلب أحاديث اليهود والنصارى ليغزر به علمه ويكثر به حديثه، فذاك في الدرك الخامس من النار، ومن العلماء من يضع نفسه للفتيا ويقول: سلوني. ولعله لا يصيب حرفا واحدا، والله لا يحب المتكلفين، فذاك في الدرك السادس من .