أسألك عن صاحبك، قلت: عن أي أصحابي؟ قال: عن فلان بن فلان، قلت:
وما اسمك؟ قال: يعقوب، قلت: ومن أين أنت؟ قال: رجل من أهل المغرب، فقلت: ومن أين عرفتني؟ قال: أتاني آت في منامي فقال: الق عليا فاسأله عن جميع ما تحتاج إليه، ثم سألني ان ادخله إلى أبى الحسن (ع)، فاستأذنت عليه فأذن، فلما رآه أبو الحسن قال: يا يعقوب قدمت أمس ووقع بينك وبين أخيك شر في موضع كذا وكذا حتى شتم بعضكم بعضا وهذا ليس من ديني ولا من دين آبائي ونهاني عن مثل ذلك، الخبر.
أبو خالد الزبالي قال: نزل أبو الحسن منزلنا في يوم شديد البرد في سنة مجدبة ونحن لا نقدر على عود نستوقد به فقال: يا أبا خالد ائتينا بحطب نستوقد به، قلت:
والله ما اعرف في هذا الموضع عودا واحدا، فقال: كلا يا أبا خالد ترى هذا الفج خذ فيه فإنك تلقى اعرابيا معه حملان حطبا فاشترهما منه ولا تماكسه. فركبت حماري وانطلقت نحو الفج الذي وصف لي فإذا اعرابي معه حملان حطبا فاشتريتهما منه واتيته بهما، فاستوقدوا منه يومهم ذلك واتيته بطرف ما عندنا فطعم منه، ثم قال: يا أبا خالد انظر خفاف الغلمان ونعالهم فاصلحها حتى نقدم عليك في شهر كذا وكذا. قال أبو خالد: فكتبت تاريخ ذلك اليوم، فركبت حماري يوم الموعود حتى جئت إلى لزق ميل ونزلت فيه فإذا انا براكب مقبل نحو القطار فقصدت إليه فإذا هو يهتف بي ويقول: يا أبا خالد، قلت: لبيك جعلت فداك، قال: أتراك وفيناك بما وعدناك، ثم قال: يا أبا خالد ما فعلت بالقبتين اللتين كنا نزلنا فيهما؟ فقلت: جعلت فداك قد هيأتهما لك وانطلقت معه حتى نزل في القبتين اللتين كان نزل فيهما، ثم قال: ما حال خفاف الغلمان ونعالهم؟ قلت قد أصلحناها، فأتيته بهما فقال: يا أبا خالد سلني حاجتك، فقلت:
جعلت فداك اخبرني بما فيه كنت زيدي المذهب حتى قدمت علي وسألتني الحطب وذكرت مجيئك في يوم كذا فعلمت انك الامام الذي فرض الله طاعته، فقال:
يا أبا خالد من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل في الاسلام.
قال الناشي:
أناس علوا أعلى المعالي من العلى * فليس لهم في الفاضلين ضريب إذا انتسبوا جازوا التناهي لمجدهم * فما لهم في العالمين نسيب هم البحر أضحى دره وعبابه * فليس له من مبتغيه رسوب تسير به فلك النجاة وماؤها * لشرابه عذب المذاق شروب