الخرائج والجرائح - قطب الدين الراوندي - ج ٣ - الصفحة ١٠٢٤
[وكما روي أن الله تعالى بفضله أمر نبيا من الأنبياء المتقدمين أن يأخذ طيرا من نحاس أو شبه (1) ويجعله على رأس منارة كانت في تلك الولاية، ولم يكن فيها شجر الزيتون، وكان أهلها محتاجين إلى دهن الزيت للمأدوم وغيره، فإذا كان عند إدراك الزيتون بالشامات خلق الله صوتا في ذلك الطير فيذهب ذلك الصوت في الهواء فيجتمع إلى ذلك ألوف ألوف من أجناسه في منقار كل واحد زيتونة، فيطرحها على ذلك الطير، فيمتلئ حوالي المنارة من الزيتون إلى رأسها، وكان ذلك الطير غير مجوف.
فلا يدعى أنها من الحيل التي يأخذها الناس لصندوق الساعة ونحوها.
ولا يسمع لذلك الطير صوت إلا عند إدراك الزيتون في السنة، وكان أهلوها ينتفعون به طول السنة بذلك] (2).

١) وهي ضرب من النحاس يلقى عليه دواء فيصفر لسان العرب: ١٣ / 505.
2) قال الفخر الرازي في تفسيره: 3 / 212.
" ومن هذا الباب تركيب صندوق الساعات، ويندرج في هذا الباب علم جر الأثقال وهو أن يجر ثقلا عظيما بآلة خفيفة سهلة، وهذا في الحقيقة لا ينبغي أن يعد من باب السحر، لان لها أسبابا معلومة نفيسة من اطلع عليها قدر عليها، الا أن الاطلاع عليها لما كان عسيرا شديدا لا يصل إليه الا الفرد بعد الفرد لا جرم عد أهل الظاهر ذلك من باب السحر.
ومن هذا الباب عمل " أرجعيانوس " الموسيقار في هيكل أورشليم العتيق عند تجديده إياه وذلك أنه اتفق له أنه كان مجتازا بفلاة من الأرض فوجد فيها فرخا من فراخ البراصل -:
والبراصل هو طائر عطوف. وكان يصفر صفيرا حزينا بخلاف سائر البراصل وكانت البراصل تجيئه بلطائف الزيتون فنطرحها عنده فيأكل بعضها عند حاجته، ويفضل بعضها عن حاجته، فوقف هذا الموسيقار هناك وتأمل حال ذلك الفرخ، وعلم أن في صفيره المخالف لصفير البراصل ضربا من التوجع والاستعطاف حتى رقت له الطيور وجاءته بما يأكله.
فتلطف بعمل آلة تشبه الصفارة، إذا استقبل الريح بها أدت ذلك الصفير، ولم يزل يجرب ذلك حتى وثق بها، وجاءته البراصل بالزيتون كما كانت تجئ إلى ذلك الفرخ، لأنها تظن أن هناك فرخا من جنسها، فلما صح له ما أراد أظهر النسك، وعمد إلى هيكل أورشليم وسأل عن الليلة التي دفن فيها " أسطرخس " الناسك القيم بعمارة ذلك الهيكل، فأخبر انه دفن في أول ليلة من آب، فاتخذ صورة من زجاج مجوف على هيئة البرصلة ونصبها فوق ذلك الهيكل، وجعل فوق تلك الصورة قبة، وأمرهم بفتحها في أول آب، وكان يظهر صوت البرصلة بسبب نفوذ الريح في تلك الصورة، وكانت البراصل تجئ بالزيتون حتى كانت تمتلي تلك القبة كل يوم من ذلك الزيتون، والناس اعتقدوا أنه من كرامات ذلك المدفون " وما بين المعقوفين أثبتناه من البحار.
(١٠٢٤)
مفاتيح البحث: الضرب (1)، الأكل (1)، الدفن (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1019 1020 1021 1022 1023 1024 1025 1026 1027 1028 1029 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثامن عشر في أم المعجزات، وهو القرآن المجيد 971
2 فصل في أن القرآن المجيد معجز ويليه سبعة فصول 972
3 فصل في وجه إعجاز القرآن 981
4 فصل في أن التعجيز هو الاعجاز 982
5 فصل في أن الاعجاز هو الفصاحة 984
6 فصل في أن الفصاحة مع النظم معجز 985
7 فصل في أن معناه أو لفظه هو المعجز 985
8 فصل في أن المعجز هو إخباره بالغيب 986
9 فصل في أن النظم هو المعجز 986
10 فصل في أن تأليفه المستحيل من العباد هو المعجز 986
11 باب في الصرفة والاعتراض عليها والجواب عنه وفيه ستة فصول 987
12 باب في أن إعجازه الفصاحة، وفيه ثلاثة فصول 992
13 باب في أن إعجازه بالفصاحة والنظم معا وفيه ثلاثة فصول 999
14 باب في أن إعجاز القرآن: المعاني التي اشتمل عليها من الفصاحة 1003
15 فصل في خواص نظم القرآن، ويليه ثلاثة فصول 1004
16 باب في مطاعن المخالفين في القرآن، وفيه سبعة فصول 1010
17 الباب التاسع عشر في الفرق بين الحيل والمعجزات 1018
18 باب في ذكر الحيل وأسبابها وآلاتها، وكيفية التوصل إلى استعمالها، وذكر وجه إعجاز المعجزات، وفيه ثمانية فصول 1018
19 باب في الفرق بين المعجزة والشعبذة وفيه فصلان 1031
20 باب في مطاعن المعجزات وجواباتها وإبطالها وفيه سبعة فصول 1034
21 باب في مقالات المنكرين للنبوات أو الإمامة من قبل الله وجواباتها وإبطالها، وفيه خمسة فصول 1044
22 باب في مقالات من يقول بصحة النبوة منهم على الظاهر، ومن لا يقول، والكلام عليهما، وفيه ثمانية فصول: 1054
23 الباب العشرون في علامات ومراتب، نبينا وأوصيائه عليه وعليهم أفضل الصلاة وأتم السلام 1062
24 فصل في علامات نبينا محمد صلى الله عليه وآله ووصيه وسبطيه الحسن والحسين عليهم السلام تفصيلا، وفي جميع الأئمة عليهم السلام من ذرية الحسين جملة، وفيه ثلاثة عشر فصلا: 1062
25 باب العلامات السارة الدالة على صاحب الزمان حجة الرحمن صلوات الله عليه ما دار فلك وما سبح ملك وفيه ثمانية عشر فصلا: 1095
26 باب في العلامات الحزينة الدالة على صاحب الزمان وآبائه عليهم السلام وفيه ستة فصول: 1133
27 باب العلامات الكائنة قبل خروج المهدي ومعه عليه السلام وفيه عشرة فصول: 1148