أقسام المولى - الشيخ المفيد - الصفحة ٦
أمرا متعمدا يريد المتكلم به الألغاز في كلامه وعدم إيضاحه والتعمية لمعناه و مراده والنبي صلى الله عليه وآله أفصح من نطق بالعربية فيجل عن الأول، كما أنه صلى الله عليه وآله يجل عن الثاني، لأنه ليس من شأنه، إذ هو المبعوث للارشاد، وخاصة في مثل هذا الحديث " من كنت مولاه فعلي مولاه " الذي ألقاه على جموع حاشده من صحابته الذين رجعوا معه من حجة الوداع، فجمعهم في قلب الصحراء القاحلة، في " غدير خم " وخطب فيهم خطبة طويلة غراء مهمة.
فإذا كان الأصل الحقيقي لكلمة المولى هو " الأولى بالتصرف " ولم ينصب النبي صلى الله عليه وآله قرينة على إرادة غيره، بل القرينة الداخلية - من داخل الحديث - تقتضي إرادة ذلك المعنى الأصلي، فهو المراد له، لا غيره.
خاصة أن أي واحد من المعاني الآخر المستعمل فيها المولى لا تناسب بوجه مقام كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد بين الشيخ المفيد بتفصيل عدم مناسبة تلك المعاني للحديث وبما أن كلامه صلى الله عليه وآله لا يخلو من مراد، فلم يبق إلا أنه أراد بقوله: " من كنت مولاه فعلي مولاه " الولاية والإمامة وفرض الطاعة.
وأما القرينة الخارجية على مراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
فهي ما عرضه الشيخ المفيد من أقوال الشعراء والبلغاء من أهل اللغة و الذين تقوم بهم أعمدة اللسان العربي، مثل:
1 - حسان بن ثابت، شاعر النبي، الذي أعلن في شعره، في نفس يوم الغدير، وبمحضر النبي صلى الله عليه وآله، فدل على إمامة الإمام علي عليه السلام ناظما لقول الرسول فيه بقوله:
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 25 27 28 ... » »»