جمع وحفظ القرآن يا معاوية، إن عمر بن الخطاب أرسلني في إمارته (1) إلى علي بن أبي طالب عليه السلام: (إني أريد أن أكتب القرآن في مصحف، فابعث إلينا ما كتبت من القرآن).
فقال عليه السلام: تضرب والله عنقي قبل أن تصل إليه. فقلت: ولم؟ قال عليه السلام (2): لأن الله يقول:
(لا يمسه إلا المطهرون) (3)، يعني لا يناله كله إلا المطهرون. إيانا عنى، نحن الذين أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا. وقال: (وأورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) (4)، فنحن الذين اصطفانا الله من عباده ونحن صفوة الله ولنا ضربت الأمثال وعلينا نزل الوحي.
قال: فغضب عمر وقال: إن ابن أبي طالب يحسب أنه ليس عند أحد علم غيره فمن كان يقرأ من القرآن شيئا فليأتنا به فكان إذا جاء رجل بقرآن فقرأه ومعه آخر كتبه، وإلا لم يكتبه.
فمن قال - يا معاوية - إنه ضاع من القرآن شئ فقد كذب، هو عند أهله مجموع محفوظ.
أول إعلان رسمي عن إعمال الرأي في دين الله ثم أمر عمر قضاته وولاته فقال: (اجتهدوا رأيكم واتبعوا ما ترون أنه الحق) فلم يزل هو وبعض ولاته وقد وقعوا في عظيمة، فكان علي بن أبي طالب عليه السلام يخبرهم بما يحتج به عليهم. وكان عماله وقضاته يحكمون في شئ واحد بقضايا مختلفة فيجيزها لهم، لأن الله لم يؤته الحكمة وفصل الخطاب.