قلت: ما صنعت شيئا؟ قال الله عز وجل: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) * (4) وقال * (تبيانا لكل شئ) * (5) أرأيت لو أن رجلا عمل بما أمره الله به وانتهى عما نهاه الله عنه، أبقي عليه شئ يعذبه الله عليه إن لم يفعله أو يثيبه عليه إن فعله؟ قال: وكيف يثيبه على ما لم يأمره [به] (6) أو يعاقبه على ما لم ينهه عنه؟ قلت: وكيف يرد عليك من الاحكام ما ليس له في كتاب الله أثر، ولا في سنة نبيه (صلى الله عليه وآله) خبر؟ قال: أخبرك يا بن أخي، حدثنا بعض أصحابنا يرفع الحديث إلى عمر بن الخطاب، أنه قال: قضى قضية بين رجلين، فقال [له] (7) أدنى القوم إليه مجلسا: أصبت يا أمير المؤمنين، فعلاه عمر بالدرة وقال: ثكلتك أمك، والله ما يدري عمر أصاب أم أخطأ، إنما هو رأي اجتهدته، فلا تزكونا في وجوهنا.
قلت: أفلا أحدثك حدثنا؟ قال: وما هو؟ قلت: أخبرني أبي عن أبي القاسم العبدي، عن أبان، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أنه قال: " القضاة ثلاثة: هالكان وناج، فأما الهالكان فجائر جار متعمدا، ومجتهد أخطأ، والناجي من عمل بما أمره الله به " فهذا نقض حديثك يا عم، قال: أجل والله يا بن أخي، فتقول أنت: إن كل شئ في كتاب الله، قلت: الله قال ذلك، وما من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي إلا هو في كتاب الله عز وجل، عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله، ولقد أخبرنا الله عز وجل فيه بما لا يحتاج إليه [فكيف بما نحتاج إليه] (8)، قال: وما هو؟
قلت: قوله: * (فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها) * (9) قال: فعند من يوجد علم ذلك؟ قلت: عند من عرفت، قال: وددت أني عرفته فأغسل قدميه