شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٢٤٠
(فيقولون كنا نصبر على طاعة الله ونصبر على معاصي الله) لا ريب في أن النفوس البشرية مائلة إلى اللذات، هاربة عن المشتقات، وأن المعاصي لذات حاضرة والطاعات مشقات ظاهرة فالنفس تريد المعاصي وتهرب عن الطاعة. ولذلك ورد في بعض الأدعية «اللهم لا تكلني إلى نفسه طرفة عين فإنك إن تكلني إلى نفسي أقرب إلى الشر وأبعد من اليخر» فمن حاولها بحسن تقديره وملك زمامها بلطف تدبيره حتى صرفا عن مرامها وإستخرجها عن مقامها وحبسها في مرابض العبادة ومرابط الطاعات وصبر على مجاهدتها ملك غنيمة عظيمة هي رأس مال الصابرين وأقوات قلوب السالكين والزاد في السير إلى رب العالمين وأسباب الدخول في الجنة التي أعدت للمتقين، وإليه أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) «إن الله جعل الطاعة غنيمة الأكياس عند تفريط الفجرة» وإنما جعل الطاعة غنيمة الأكياس وهم الذين لهم جودة القرائح لأنهم يأخذونها بالمحاربة مع النفس الإمارة كما يأخذ الغانمون الغنيمة بالجهاد مع الكفار بل جهادهم أعظم من الكفار كما قال (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد رجوعه من بعض الغزوات «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وهي جهاد النفس» وإذا حصلت لهم تلك الغنيمة وتمكنت فيهم هذه العزيمة أمكن لهم الدخول في الجنة قبل فراغ الناس لهم تلك الغنيمة وتمكنت فيهم هذه العزيمة أمكن لهم الدخول في الجنة قبل فراغ الناس من الحساب لأن أولئك هم المتقون الذين صبروا في دار الدنيا وأدوا حسابهم فيها، وقد قال الله تعالى (إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب» لأن الحساب إنما هو على من خلط عملا صالحا واخر سيئا، وأما المتقون فلا حساب عليهم كما لا حساب على المشركين فإنهم يدخلون النار بغير حساب.
* الأصل 5 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن فضيل بن عثمان، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبل.
* الشرح قوله: (لا يقل عمل مع تقوى) كل عمل بنى على التقوى لا يقل لكونه عظيما في ذاته وكثيرا ينمو عند الله تعالى مع توقفه على كثير من الأعمال القلبية التي لا توجد إلا بالمجاهدات النفسانية، ولا يهدم ولا يلحق بالنية الخسران كما قال عز وجل: (فمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم» ثم أكد ذلك وأشار إلى أنه لا ينبغي أن يعد قليلا بقوله:
(وكيف يقل ما يتقبل) لأن العمل مع التقوى مقبول قطعا لقوله تعالى: (إنما يتقبل الله ومن
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428