شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ١١
المسلمين أن يكتفي في الحكم بإسلام الكافر بأن يقول: أظن أن لا إله إلا الله وأظن أن محمدا رسول الله، بل صيغة الإسلام «أشهد» وهي أدل على اليقين من «أعلم» وأمثاله ونسب ذلك العلامة إجماع المسلمين وهو حق. واعتقادنا فيه أنه يجب أن يكون بالدليل لا بالتقليد لأن الاعتقاد التقليدي ليس علما ولأن الله تعالى ذم أقواما بتقليد آبائهم، ولأن التقليد لو كان إيمانا كان الكفار أيضا معذورين ولأن من يقلده الإنسان إن ثبت عصمته بالدليل اليقين فقوله يفيد العلم وليس ذلك تقليدا وإن لم يثبت عصمته يحتمل الخطأ عليه في قوله واعتقاده ولا يفيد قوله شيئا، واعتقادنا في الايمان أنه التصديق بالجنان فقط وأما الاقرار باللسان فهو علامة عليه فلو علم إيمان رجل من علامة أخرى كفى وليس العمل بالأركان أيضا جزء من الايمان لأن الإخلال بالواجبات وارتكاب المناهي لا يوجب الكفر بالاتفاق، وأيضا اعتقادنا فيه أنه لا يزيد ولا ينقص بنفسه لأن اليقين هو عدم احتمال الخلاف فإن احتمل الخلاف لم يكن إيمان، وإن لم يحتمل كان اليقين حاصلا وليس لعدم احتمال الخلاف مراتب كمراتب الظن، وإنما يكون الزيادة في الأدلة والمعتقدات والآثار، مثلا يعرف أحدنا إمامة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بدليل واحد ولا يحتمل الخلاف، ويعرفها آخر بألف دليل ولا يحتمل الخلاف فهذا الاختلاف في الأدلة لا في نفس اليقين، وأيضا يعرف أحد أن الله تعالى واحد لا شريك له ويعلم ذلك يقينا لا يشك فيه أصلا، ويعرف آخر أسمائه وصفاته ومعاني كل واحد وما يجوز عليه تعالى وما لا يجوز بالأدلة وغير ذلك مما لا حصر له، فهذه الكثرة في المعتقدات، ثم إن بعض الناس يؤثر يقينه في العمل أكثر من تأثيره في الآخر فيخاف من عذاب الله أشد من آخر فهذا الاختلاف في الخوف، وهو من آثار الايمان بالمعاد لا نفس الايمان، والمؤمن لا يشك في المعاد ولا يتصور أن يكون أحد منهم يحتمل الخلاف والآخر لا يحتمله أو أحد يحتمل احتمالا ضعيفا والآخر احتمالا قويا. واعتقادنا في الله وصفاته ما هو معروف من أنه عالم بكل شئ جزئي وكلي من غير أن يكون له جارحة وعضو، وعلمه بالجزئيات علم حضوري على ما حققه المتأخرون من الحكماء كالمحقق الطوسي - قدس سره - وقال بعض المتكلمين: إن بصره بمعنى العلم بالمبصرات وسمعه بمعنى العلم بالمسموعات ولا يطلق عليه اللامس والذائق والشام مع علمه بالملموسات والمذوقات والمشمومات تعبدا شرعيا أو لغويا، وأيضا أنه تعالى قادر حي مريد كاره مدرك قديم أزلي باق أبدي متكلم وكلامه مخلوق حادث ليس قديما كما يقول به الأشاعرة، وأنه صادق لقبح الكذب عليه واعتقادنا في هذه الصفات أنه لا تشبه صفات الإنسان فهو موجود قائم بذاته وليس بجسم ولا حالا في جسم ولا محل له ولا جهة ولا يصح عليه التأثرات النفسانية كاللذة والألم والشهوة والغضب والأسف والحزن وأنه لا يتحد بغيره كما يقول به النصارى والغلاة من الشيعة، وأما الاتحاد في عرف
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست