كتاب المؤمن - الحسين بن سعيد - الصفحة ٧
المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على ما أولانا إيمانا خالصا كما آمن به الأنبياء والمرسلون، والعارفون الموحدون، ويقينا صادقا كما صدقته الملائكة المقربون، والأولياء والصالحون.
وسلام على المرسلين الذين بلغوا رسالات ربهم، وهو على ما أصابهم في دعوتهم صابرون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة، وأولئك هم المهتدون، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
والصلاة والسلام على خير خلق الله الأطهار المصطفين، محمد وآله سادة الخلق أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، الذين صبروا وصابروا في ولائهم لأهل البيت المنتجبين، وأوذوا وقتلوا وحرقوا ونفوا عن ديارهم ولا زالوا بحبلهم متمسكين، الذين قال فيهم الإمام الصادق عليه السلام: " نحن صبر وشيعتنا أصبر منا، وذلك أنا صبرنا على ما نعلم، وصبروا هم على ما لا يعلمون " 1 أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
واللعنة الدائمة الماحقة لأعدائهم أجمعين، الذين يخادعون الله وما يخدعون إلا أنفسهم، فحملوا ظهورهم وزر البرايا، ألا ساء ما يزرون.
إن ما أجمع عليه، أن للايمان منازل ودرجات، ومراقي عاليات، وللمؤمنين الممتحنين صفات مخصوصات، جعلتهم في الناس مميزين كبدور نيرات، ولا خلاق العوام كارهين بل نابذين، قد يحسبهم الرائي مرضى وما بالقوم من مرض، ولكنهم من خوف الله وجلون، كأنهم قد خولطوا، ولقد خالطهم أمر عظيم، لما كشف لهم من العذاب الأليم للمجرمين، والنعيم المقيم للصالحين، فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون، كلما تلوا سورا من القرآن العظيم.
هؤلاء الذين هجرت عيونهم في الليل غمضها، وأدت أنفسهم إلى بارئها فرضها، حتى إذا غلب عليها الكرى، افترشت أرضها، وتوسدت كفها، في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم، وهمهمت بذكر ربهم شفاههم،

(1) تفسير القمي ص 489 س 19، البحار 71 / 84 ح 27.
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 13 ... » »»
الفهرست