المسح على الرجلين - الشيخ المفيد - الصفحة ٢٠
خرجته من الاجماع، فيجب أن تأتي بفصل مما ألزمناك، وإلا فالكلام عليك متوجه مع انتقالك من دليل إلى دليل للاضطرار دون الاختيار.
فقال: هذا لا معنى له، لأنه لم يكن النبي عليه السلام في حال من الأحوال، قد أمر بوضوء لا يقبل الله صلاته إلا به، ثم نقل عنه إلى غيره، وإذا ثبت أن العبادة له كانت بوضوء استمر على الأحوال والأوقات، لم يلزم ما أدخلت علي من الكلام.
فقال الشيخ رحمه الله: وهذا أيضا مما لم يتأمل، وسبق إلى وهمك منه ما لم نقصده في الالزام، وذلك إنا لم نرد بما ذكرناه في تخصيص وضوء النبي عليه السلام الواقع منه في تلك الحال ما قدرت من أنه كان مفروضا عليه غسل الرجلين للوضوء دون ما سواه، وإنما أوردنا ذلك على التقدير.
فما أنكرت أن يكون غسل النبي عليه السلام رجليه في ذلك الوضوء لإماطة نجس كان بهما، ففعل ذلك لما ذكرناه، دون إقامة فرض الوضوء للصلاة على انفراده مما سميناه، فيكون قوله عليه السلام حينئذ:
(هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به) مختصا بذلك الوضوء الذي دخل فيه فرض إماطة النجاسة عن الرجلين، دون ما عداه، وهذا خلاف ظنك الذي أطلت فيه الكلام.
فقال أبو جعفر: هذا أيضا غير لازم، إماطة (١) النجاسة لا يطلق عليها وضوء شرعي، وقول النبي عليه السلام: (هذا وضوء) لفظ شرعي يخص نوع الوضوء دون ما عداه.
فقال له: الأمر كما وصفت من أنه لا يطلق لفظ الوضوء إذا انفرد

(١) أي إزالة النجاسة. أنظر مجمع البحرين ٤: ٢٧٤ مادة (ميط).
Input string was not in a correct format.
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 15 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»