ولو كان نزاعهما في قدر العين المستأجرة، فادعى أحدهما أنه تمام الدار مثلا، والاخر أنه نصف الدار، فالظاهر أيضا أن القول قول منكر الزيادة، لعين ما ذكرنا فيما إذا كان التنازع في أصل الإجارة، وهو أصالة عدم وقوع العقد على الزيادة.
ولافرق في أن تكون الزيادة المدعاة في المنفعة التي يملكها المؤجر للمستأجر - كما إذا ادعى المستأجر أنها سكنى تمام الدار، والمالك يدعي أنها سكنى نصف الدار مثلا، أو يدعي زيادة المدة كسنة، والمالك لا يعترف بأزيد من ستة أشهر مثلا - أو تكون في جانب الأجرة - كما أنه لو ادعى المالك أن الأجرة في السنة مائة وخمسين دينارا، والمستأجر يدعي أنها مائة دينار - لاتحاد المناط في الجميع، وهو أصالة عدم الزيادة على ما يعترف الطرف في جميع صور المسألة.
وأما القول بأنه في بعض صور المسألة يكون من باب التحالف لوجود دعوى من كل واحد منهما مع إنكار الاخر، فأحدهما يدعي أن الإجارة وقعت على مائة وخمسين دينارا مثلا وينكر الاخر، والثاني يدعي وقوعها على مائة مثلا وينكر الاخر، فتكون دعويان وإنكاران، فقهرا يكون المورد من موارد التحالف، فيحلف أحدهما على نفي الزيادة، والاخر على إثبات الزيادة.
وفيه: أن مدعي الزيادة ليس بمنكر كي يكون وظيفته الحلف، بل هو مدع ووظيفته البينة، فإذا لم تكن له بينة فيكون الحلف لطرفه على نفي الزيادة، فليس في البين إلا منكر واحد وهو منكر الزيادة.
وليست المسألة من باب التحالف، لاتفاقهما على مقدار الأقل، والخلاف والنزاع إنما هو في الزيادة فقط. ومعلوم أن منكر الزيادة قوله مطابق للأصل، فهو المنكر وعليه اليمين لا على طرفه، بل على طرفه البينة لا غير.
وأما القول بعدم الاتفاق على الأقل بشرط لا، لان مدعي الزيادة ينكر الوقوع على الأقل بشرط لا، وهو مباين مع الأكثر.