والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " (1) وهم يستخفون بأفعالهم، ولا يجهرون بالفساد حتى ينتشر بسوء القدوة بهم ولا يؤلفون له العصائب ليمنعوا أنفسهم من الشرع بالقوة فلهذا لا يصدق عليهم أنهم محاربو الله ورسوله ومفسدون، والحكم هنا منوط بالوصفين معا. وإذا أطلق الفقهاء لفظ المحاربين فإنما يعنون به المحاربين المفسدين، لان الوصفين متلازمان " انتهى واجب الحاكم والأمة حيال الحرابة:
والحاكم والأمة معا مسؤولون عن حماية النظام وإقرار الامن وصيانة حقوق الافراد في المحافظة على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فإذا شذت طائفة، فأخلوا السبيل، وقطعوا الطريق، وعرضوا حياة الناس للفوضى والاضطراب. وجب على الحاكم قتال هؤلاء، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العرنيين، وكما فعل خلفاؤه من بعده، ووجب على المسلمين كذلك أن يتعاونوا مع الحاكم على استئصال شأفتهم وقطع دابرهم، حتى ينعم الناس بالأمن والطمأنينة، ويحسوا بلذة السلام والاستقرار وينصرف كل إلى عمله مجاهدا في سبيل الخير لنفسه، ولاسرته، ولامته، فإن انهزم هؤلاء في ميدان القتال، وتفرقوا هنا وهناك، وانكسرت شوكتهم، لم يتبع مدبرهم، ولم يجهز على جريحهم إلا إذا كانوا قد ارتكبوا جناية القتل، وأخذوا المال، فإنهم يطاردون حتى يظفروا بهم ويقام عليهم حد الحرابة.
توبة المحاربين قبل القدرة عليهم:
إذا تاب المحاربون المفسدون في الأرض قبل القدرة عليهم، وتمكن الحاكم من القبض عليهم، فإن الله يغفر لهم ما سلف، ويرفع عنهم العقوبة الخاصة بالحرابة لقول الله سبحانه:
" ذلك لهم خزي في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب عظيم، إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ".
وإنما كان ذلك كذلك، لان التوبة قبل القدرة عليهم والتمكن منهم