فصلى بالناس، فإذا هو رجل معتزل فقال: (ما منعك أن تصلي؟) قال:
أصابتني جنابة، ولا ماء. قال: (عليك بالصعيد فإنه يكفيك) رواه الشيخان.
وعن أبي ذر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الصعيد طهور لمن لم يجد الماء عشر سنين) رواه أصحاب السنن، وقال الترمذي:
حديث حسن صحيح. لكن يجب عليه - قبل أن يتيمم - أن يطلب الماء من رجله، أو من رفقته، أو ما قرب منه عادة، فإذا تيقن عدمه، أو أنه بعيد عنه، لا يجب عليه الطلب.
ب - إذا كان به جراحة أو مرض، وخاف من استعمال الماء زيادة المرض أو تأخر الشفاء، سواء عرف ذلك بالتجربة أو بإخبار الثقة من الأطباء، لحديث جابر رضي الله عليه قال، خرجنا في سفر، فأصاب رجلا منا حجر، فشجه في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟
فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات. فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال: (قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال (1). إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليه، ويغسل سائر جسده) رواه أبو داود وابن ماجة والدار قطني، وصححه ابن السكن.
ج - إذا كان الماء شديد البرودة، وغلب على ظنه حصول ضرر باستعماله بشرط أن يعجز عن تسخينه ولو بالاجر، أولا يتيسر له دخول الحمام، لحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل قال: احتملت في ليلة شديدة البرودة، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح. فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فقال: (يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟).
فقلت: ذكرت قول الله عز وجل: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) (2) فتيممت ثم صليت. فضحك رسول الله ولم يقل شيئا.
رواه أحمد وأبو داود والحاكم والدار قطني وابن حبان، وعلقه البخاري.
وفي هذا إقرار، والاقرار حجة لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل.