منه مكان قيامه عليه بالمعروف. وفي لفظ: أنزلت في والي اليتيم الذي عليه ويصلح ما له إن كان فقيرا أكل منه بالمعروف أخرجاهما. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني فقير ليس لي شئ ولي يتيم، فقال: كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبادر ولا متأثل رواه الخمسة إلا الترمذي. وللأثرم في سننه عن ابن عمر: أنه كان يزكي مال اليتيم ويستقرض منه ويدفعه مضاربة.
حديث عمرو بن شعيب سكت عنه أبو داود، وأشار المنذري إلى أن في إسناده عمرو ابن شعيب، وفي سماع أبيه من جده مقال قد تقدم التنبيه عليه. وقال في الفتح: إسناده قوي، والآية المذكورة تدل على جواز أكل ولي اليتيم ماله بالمعروف إذا كان فقيرا، ووجوب الاستعفاف إذا كان غنيا، وهذا إن كان المراد بالغني والفقير في الآية ولي اليتيم على ما هو المشهور. وقيل: المعنى في الآية اليتيم، أي إن كان غنيا فلا يسرف في الانفاق عليه، وإن كان فقيرا فليطعمه من ماله بالمعروف، فلا يكون على هذا في الآية دلالة على الاكل من مال اليتيم أصلا، وهذا التفسير رواه ابن التين عن ربيعة، ولكن المتعين المصير إلى الأول لقول عائشة المذكور. وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فروي عن عائشة أنه يجوز للولي أن يأخذ من مال اليتيم قدر عمالته، وبه قال عكرمة والحسن وغيرهم، وقيل: لا يأكل منه، إلا عند الحاجة، ثم اختلفوا فقال عبيدة بن عمرو وسعيد بن جبير ومجاهد: إذا أكل ثم أيسر قضى، وقيل: لا يجيب القضاء، وقيل: إن كان ذهبا أو فضة لم يجز له أن يأخذ منه شيئا إلا على سبيل القرض، وإن كان غير ذلك جاز بقدر الحاجة، وهذا أصح الأقوال عن ابن عباس، وبه قال الشعبي وأبو العالية وغيرهما، أخرج جميع ذلك ابن جرير في تفسيره وقال: هو بوجوب القضاء مطلقا وانتصر له، وقال الشافعي: يأخذ أقل الأمرين من أجرته ونفقته، ولا يجب الرد على الصحيح عنده، والظاهر من الآية والحديث جواز الأكل مع الفقر بقدر الحاجة من غير إسراف ولا تبذير ولا تأثل، والاذن بالاكل يدل على إطلاقه على عدم وجوب الرد عند التمكن، ومن ادعى الوجوب فعليه الدليل. قوله: غير مسرف ولا مبادر هذا مثل قوله تعالى: * (ولا تأكلوها إسرافا وبدارا) * (سورة النساء، الآية: 6) أي مسرفين ومبادرين كبر الأيتام أو لإسرافكم ومبادرتكم كبرهم يفرطون