بيت يجدونها فيكون قرينة، على أن تضحية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن غير الواجدين من أمته، ولو سلم الظهور المدعى فلا دلالة له على عدم الوجوب، لان محل النزاع من لم يضح عن نفسه ولا ضحى عنه غيره، فلا يكون عدم وجوبها على من كان في عصره من الأمة مستلزما لعدم وجوبها على من كان في غير عصره منهم.
(فإن قيل): هذا يستلزم أن تجزئ الشاة الواحدة عن جميع الأمة قلنا: هذه مسألة أخرى خارجة عن محل النزاع سيأتي بيانها. ومن أدلة القائلين بعدم الوجوب ما أخرجه أحمد عن ابن عباس مرفوعا: أمرت بركعتي الضحى ولم تؤمروا بها، وأمرت بالأضحى ولم تكتب عليكم وأخرجه أيضا البزار وابن عدي والحاكم عنه بلفظ: ثلاث هن علي فرائض ولكم تطوع: النحر والوتر وركعتا الضحى وأخرجه أيضا أبو يعلى عنه بلفظ: كتب علي النحر ولم يكتب عليكم وأمرت بصلاة الضحى ولم تؤمروا بها ويجاب عنه بأن في إسناد أحمد وأبي يعلى جابر الجعفي وهو ضعيف جدا، وفي إسناد البزار وابن عدي والحاكم ابن جناب الكلبي. وقد صرح الحافظ بأن الحديث ضعيف من جميع طرقه. وقد أخرجه الدارقطني بلفظ: ثلاث هن علي فريضة وهن لكم تطوع: الوتر وركعتا الفجر وركعتا الضحى وأخرجه البزار بلفظ: أمرت بركعتي الفجر والوتر وليس عليكم. ورواه الدارقطني أيضا وابن شاهين في ناسخه عن أنس مرفوعا: أمرت بالوتر والأضحى ولم يعزم على وفي إسناده عبد الله بن محرر وهو متروك، واستدلوا أيضا بما أخرجه البيهقي عن أبي بكر وعمر لأنهما كانا لا يضحيان كراهة أن يظن من رآهما أنها واجبة. وكذلك أخرج عن ابن عباس وبلال وأبي مسعود وابن عمر ولا حجة في شئ من ذلك.
واستدل من قال بالوجوب بقول الله تعالى: * (فصل لربك وانحر) * (سورة الكوثر، الآية: 2) والامر للوجوب، وأجيب بأن المراد تخصيص الرب بالنحر له لا للأصنام، فالامر متوجه إلى ذلك لأنه القيد الذي يتوجه إليه الكلام، ولا شك في وجوب تخصيص الله بالصلاة والنحر، على أنه قد روي أن المراد بالنحر وضع اليدين حال الصلاة على الصدر كما سلف في الصلاة، واستدلوا أيضا بحديث: من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا وقد تقدم.
ووجه الاستدلال به أنه لما نهى من كان ذا سعة عن قربان المصلى إذا لم يضح دل على أنه قد ترك واجبا، فكأنه لا فائدة في التقرب مع ترك هذا الواجب. قال في