غزوة وصلى في بيت المقدس لم يسأله الله فيما افترض عليه وعن أبي هريرة بنحو حديث حاطب المتقدم. وعن ابن عباس عند العقيلي بنحوه. وعنه في مسند الفردوس بلفظ: من حج إلى مكة ثم قصدني في مسجدي كتبت له حجتان مبرورتان وعن علي بن أبي طالب عليه السلام عند ابن عساكر: من زار قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في جواره وفي إسناده عبد الملك بن هارون بن عنبرة وفيه مقال. قال الحافظ: وأصح ما ورد في ذلك ما رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة مرفوعا: ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام وبهذا الحديث صدر البيهقي الباب، ولكن ليس فيه ما يدل على اعتبار كون المسلم عليه على قبره بل ظاهره أعم من ذلك. وقال الحافظ أيضا: أكثر متون هذه الأحاديث موضوعة، وقد رويت زيارته صلى الله عليه وآله وسلم عن جماعة من الصحابة منهم بلال عند ابن عساكر بسند جيد، وابن عمر عند مالك في الموطأ، وأبو أيوب عند أحمد وأنس، ذكره عياض في الشفاء، وعمر عند البزار، وعلي عليه السلام عند الدارقطني وغير هؤلاء، ولكنه لم ينقل عن أحد منهم أنه شد الرحل لذلك إلا عن بلال، لأنه روى عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو بداريا يقول له: ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني؟ روى ذلك ابن عساكر. واستدل القائلون بالوجوب بحديث: من حج ولم يزرني فقد جفاني وقد تقدم، قالوا: والجفاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم محرم، فتجب الزيارة لئلا يقع في المحرم، وأجاب عن ذلك الجمهور بأن الجفاء يقال على ترك المندوب كما في ترك البر والصلة، وعلى غلظ الطبع كما في حديث:
من بدا فقد جفا وأيضا الحديث على انفراده مما لا تقوم به الحجة لما سلف، واحتج من قال بأنها غير مشروعة بحديث: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد وهو في الصحيح وقد تقدم وحديث: لا تتخذوا قبري عيدا رواه عبد الرزاق. قال النووي في شرح مسلم: اختلف العلماء في شد الرحل لغير الثلاثة كالذهاب إلى قبور الصالحين وإلى المواضع الفاضلة، فذهب الشيخ أبو محمد الجويني إلى حرمته، وأشار عياض إلى اختياره والصحيح عند أصحابنا أنه لا يحرم ولا يكره، قالوا: والمراد أن الفضيلة الثابتة إنما هي شد الرحل إلى هذه الثلاثة خاصة انتهى. وقد أجاب الجمهور عن حديث شد الرحل بأن القصر فيه إضافي باعتبار المساجد لا حقيقي، قالوا: والدليل على ذلك أنه قد ثبت بإسناد حسن في بعض