وآخرين أنه داخل في النهي لعموم الأحاديث انتهى. وجعله لصلاة الجنازة ههنا من جملة ما وقع فيه الخلاف ينافي دعواه الاجماع على عدم كراهتها كما تقدم عنه. ومن القائلين بكراهة قضاء الفرائض في هذه الأوقات زيد بن علي، والمؤيد بالله، والداعي، والامام يحيى، قالوا:
لشمول النهى للقضاء لأن دليل المنع لم يفصل. (واحتج القائلون) بجواز قضاء الفرائض في هذه الأوقات وهم: الهادي والقاسم والشافعي ومالك بقوله (ص): من نام عن صلاته أو سها عنها فوقتها حين يذكرها الحديث المتقدم، فجعلوه مخصصا لأحاديث الكراهة وهو تحكم، لأنه أعم منها من وجه، وأخص من وجه، وليس أحد العمومين أولى بالتخصيص من الآخر، وكذلك الكلام في فعل الصلاة المفروضة في هذه الأوقات أداء، إلا أن حديث من أدرك من الفجر ركعة قبل أن تطلع الشمس، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس أخص من أحاديث النهي مطلقا فيقدم عليها، وقد استثنى الشافعي وأصحابه وأبو يوسف الصلاة عند قائمة الظهيرة يوم الجمعة خاصة وهي رواية عن الأوزاعي وأهل الشام، واستدلوا بما رواه الشافعي عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة. وفي إسناده إبراهيم بن أبي يحيى، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهما ضعيفان. ورواه البيهقي من طريق أبي خالد الأحمر، عن عبد الله شيخ من أهل المدينة، عن سعيد، عن أبي هريرة. ورواه الأثرم بسند فيه الواقدي وهو متروك. ورواه البيهقي أيضا بسند آخر فيه عطاء بن عجلان وهو متروك أيضا. وقد روى الشافعي عن ثعلبة بن أبي مالك عن عامة الصحابة أنهم كانوا يصلون نصف النهار يوم الجمعة. (وفي الباب) عن واثلة عند الطبراني قال الحافظ بسند واه. وعن أبي قتادة عند أبي داود والأثرم أنه صلى الله عليه وآله وسلم كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وقال: إن جهنم تسحر إلا يوم الجمعة وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف، وهو أيضا منقطع لأنه من رواية أبي الخليل عن أبي قتادة ولم يسمع منه.
وعن ذكوان مولى عائشة أنها حدثته: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها ويواصل وينهى عن الوصال رواه أبو داود.
الحديث في إسناده محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء وفيه مقال إذا لم يصرح بالتحديث، وهو هنا قد عنعن فينظر في عنعنته كما قال الحافظ، وقد قدمنا في باب قضاء سنة الظهر ما يدل على اختصاص ذلك به صلى الله عليه وآله وسلم.