رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتقرأون في صلاتكم خلف الامام والإمام يقرأ فلا تفعلوا، وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه وأخرجه أيضا الطبراني في الأوسط والبيهقي، وأخرجه عبد الرزاق عن أبي قلابة مرسلا، وظاهر التقييد بقوله من القرآن يدل على أنه لا بأس بالاستفتاح حال قراءة الإمام بما ليس بقرآن والتعوذ والدعاء. وقد ذهب ابن حزم إلى أن المؤتم لا يأتي بالتوجه وراء الامام، قال: لأن فيه شيئا من القرآن، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقرأ خلف الامام إلا أم القرآن وهو فاسد، لأنه إن أراد بقوله لأن فيه شيئا من القرآن كل توجه فقد عرفت مما سلف أن أكثرها مما لا قرآن فيه، وإن أراد خصوص توجه علي رضي الله عنه الذي فيه: وجهت وجهي إلى آخره فليس محل النزاع هذا التوجه الخاص، ولكنه ينبغي لمن صلى خلف إمام يتوجه قبل التكبيرة كالهادوية، أو دخل في الصلاة حال قراءة الإمام أن يأتي بأخصر التوجهات ليتفرغ لسماع قراءة الإمام. ويمكن أن يقال: لا يتوجه بشئ من التوجهات من صلى خلف إمام لا يتوجه بعد التكبيرة، لأن عمومات القرآن والسنة قد دلت على وجوب الانصات والاستماع، والمتوجه حال قراءة الإمام للقرآن غير منصت ولا مستمع، وإن لم يكن تاليا للقرآن إلا عند من يجوز تخصيص مثل هذا العموم بمثل ذلك المفهوم، أعني مفهوم قوله من القرآن هذا هو التحقيق في المقام. (فائدة) قد عرفت مما سلف وجوب الفاتحة على كل إمام ومأموم في كل ركعة، وعرفناك أن تلك الأدلة صالحة للاحتجاج بها، على أن قراءة الفاتحة من شروط صحة الصلاة، فمن زعم أنها تصح صلاة من الصلوات أو وركعة من الركعات بدون فاتحة الكتاب فهو محتاج إلى إقامة برهان يخصص تلك الأدلة. ومن ههنا يتبين لك ضعف ما ذهب إليه الجمهور أن من أدرك الامام راكعا دخل معه واعتد بتلك الركعة وإن لم يدرك شيئا من القراءة، واستدلوا على ذلك بحديث أبي هريرة: من أدرك الركوع من الركعة الأخيرة في صلاته يوم الجمعة فليضف إليها ركعة أخرى رواه الدارقطني من طريق ياسين بن معاذ وهو متروك. وأخرجه الدارقطني بلفظ:
إذا أدرك أحدكم الركعتين يوم الجمعة فقد أدرك، وإذا أدرك ركعة فليركع إليها أخرى ولكنه رواه من طريق سليمان بن داود الحراني، ومن طريق صالح بن أبي الأخضر، وسليمان متروك، وصالح ضعيف، على أن التقييد بالجمعة في كلا الروايتين مشعر بأن غير الجمعة بخلافها، وكذا التقييد بالركعة في الرواية الأخرى يدل على خلاف المدعي،