ومالك، وأحد قولي الشافعي، والحنفية، فأجازوا التيمم، لخشية الضرر، قالوا: لاطلاق الآية. وذهب داود، والمنصور: إلى إباحته للمرض، وإن لم يخف ضررا، وهو ظاهر الآية.
(وعن علي عليه السلام قال: انكسرت إحدى زندي) بتشديد المثناة التحتية تثنية زند، وهو مفصل طرف الذراع في الكف (فسألت رسول الله (ص))، أي:
عن الواجب من الوضوء في ذلك (فأمرني أن أمسح على الجبائر) هي ما يجبر به العظم المكسور ويلف عليه (رواه ابن ماجة بسند واه جدا) بكسر الجيم وتشديد الدال المهملة، وهو منصوب على المصدر، أي أجد ضعفه جدا. الجد: التحقيق، كما في القاموس، فالمراد أحقق ضعفه تحقيقا. والحديث أنكره يحيى بن معين، وأحمد، وغيرهما، قالوا: وذلك أنه من رواية عمرو بن خالد الواسطي، وهو كذاب. ورواه الدارقطني، والبيهقي من طريقين أوهى منه. قال النووي: اتفق الحفاظ على ضعف هذا الحديث. وقال الشافعي: لو عرفت إسناده بالصحة لقلت به، وهذا مما أستخير الله فيه. وفي معناه أحاديث أخر. قال البيهقي: إنه لا يصح منها شئ، إلا أنه يقويه قوله:
(وعن جابر رضي الله عنه في الرجل الذي شج) بضم الشين المعجمة وجيم، من شجه يشجه بكسر الشين وضمها: كسره، كما في القاموس (فاغتسل فمات: إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصب على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده، رواه أبو داود بسند ضعيف). لأنه تفرد به الزبير بن خريق: بضم الخاء المعجمة فراء مفتوحة ومثناة تحتية ساكنة وقاف. قال الدارقطني: ليس بالقوي. قلت: وقال الذهبي:
إنه صدوق (وفيه اختلاف على راويه) وهو: عطاء، فإنه رواه عنه الزبير بن خريق، عن جابر.
ورواه عنه الأوزاعي بلاغا عن عطاء، عن ابن عباس. فالاختلاف وقع في رواية عطاء، هل عن جابر، أو عن ابن عباس؟ وفي إحدى الروايتين ما ليس في الأخرى. وهذا الحديث، وحديث علي الأول: قد تعاضدا على وجوب المسح على الجبائر بالماء، وفيه خلاف بين العلماء. منهم من قال: يمسح لهذين الحديثين، وإن كان فيهما ضعف، فقد تعاضدا، ولأنه عضو تعذر غسله بالماء، فمسح ما فوقه كشعر الرأس، وقياسا على مسح أعلى الخفين، وعلى العمامة، وهذا القياس يقوي النص. قلت: من قال بالمسح عليهما قوي عنده المسح على الجبائر، وهو الظاهر. ثم في حديث جابر دليل على أنه يجمع بين التيمم، والمسح، والغسل، وهو مشكل، حيث جمع بين التيمم والغسل. قيل: فيحمل على أن أعضاء الوضوء كانت جريحة، فتعذر امساسها بالماء، فعدل إلى التيمم، ثم أفاض الماء على بقية جسده. وأما الشجة: فقد كانت في الرأس، والواجب فيه الغسل، لكن تعذر لأجل الشجة، فكان الواجب عليه عصبها، والمسح عليها، إلا أنه قال المصنف في التلخيص: إنه لم يقع في رواية عطاء عن ابن عباس ذكر التيمم، فثبت: أن الزبير بن خريق تفرد به، نبه على ذلك ابن القطان، ثم قال: ولم يقع في رواية عطاء ذكر المسح على الجبيرة، فهو من إفراد الزبير. قال: ثم سياق المصنف لحديث جابر يدل على أن قوله: إنما كان يكفيه، غير مرفوع، وهو مرفوع، وإنما لما اختصره المصنف فاتته العبارة