وفيما ذكرنا خلاف نذكر منه ما تيسر إن شاء الله تعالى * فمن ذلك أن أبا يوسف قال: في المرأة البالغة المريضة التي لم يدخل بها زوجها أنه لا نفقة لها عليه إذا كان مرضها يمنع من وطئها فان بنى بها وهي كذلك فله أن يردها ولا ينفق عليها حتى يقدر على جماعها فان أمسكها فعليه نفقتها قال: فان مرضت عنده بعد أن دخل بها صحيحة فعليه نفقتها وليس له ردها قال فان (1) بنى بالرتقاء فعليه نفقتها وليس له ردها، وهذه مناقضات طريفة في السخافة جدا، وقال: ان سجنت المرأة أو حيل بينها وبين زوجها كرها فلا نفقة لها عليه، وقد ذكرنا قول عمر في وجوب النفقة على الغائب مدة مغيبه وان طاق، وروينا من طريق ابن وهب عن يونس بن يزيد قال سئل ابن شهاب عن المرأة تنفق على نفسها من الذي لها وتتسلف قال نرى أن يؤخذ به زوجها بالسداد الا أن يكون له بينة أنه وضع لها ما يصلحها، قال يونس: وهو قول ربيعة * قال أبو محمد: هذا الحق لأنه ان ادعى أنه أنفق فهو مدع لسقوط حق لها ثبت قبله فالبينة عليه واليمين عليها وهو قول الحسن البصري. والشافعي. وأبي سليمان، وروينا عن إبراهيم النخعي ما أنفقت من مالها فلا شئ لها فيه وما استدانت فهو على الزوج وهذا تقسيم لا يقوم بصحته برهان، وقال ابن شبرمة: لا نفقة للمرأة الا إذا شكت إلى الجيران فمن حين تشكو تجب لها النفقة ويؤخذ بها الزوج وهذا تحديد فاسد، وصح عن شريح أن امرأة قالت له: ان زوجي غاب وانى استدنت دينارا فأنفقته على نفسي فقال لها شريح: أكان أمر بذلك قالت لا قال فاقضى دينك، وقال أبو حنيفة:
لا نفقة للمرأة الا أن يفرضها لها السلطان * قال أبو محمد: قد فرضها لها سلطان السلاطين وهو الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فبطل رأى أبي حنيفة، وقال مالك: من غاب ثم قدم فطلبته امرأته بالنفقة فان أقامت لها بينة بأنها أقر لها بأنه لم يبعث إليها بشئ (1) قضى لها والا فلا نفقة لها الا من يوم ترفعه * قال أبو محمد: وهذه أيضا قضية لا دليل على صحتها ولا يدرى بماذا سقط حقها الواجب لها بدعواه وأما من لم يقدر على النفقة فقد اختلف الناس في حكمه فقالت طائفة: يسجن فلا يطلق ولا يكلف طلاقا وهذا قول عبيد الله بن الحسن العنبري قاضى البصرة * قال أبو محمد: ليت شعري لماذا يسجن، وقالت طائفة: يجبر على أن ينفق أو يطلق كما روينا عن عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال:
(كتب عمر إلى أمراء الأجناد ادعوا فلانا وفلانا ناسا قد انقطعوا عن المدينة