فقال: خل بين الناقة وبين رسول الله، فقال: ما كنت بالذي أفعل أو يقيم البينة، قال: فضربه علي - عليه السلام - ضربة فأجمع أهل الحجاز على أنه رمى برأسه، وقال بعض أهل العراق: بل قطع منه عضوا، فقال النبي - صلى الله عليه وآله: ما حملك يا علي على هذا؟! فقال: يا رسول الله نصدقك على الوحي من السماء ولا نصدقك على أربعمائة درهم. قال السيد المرتضى: وقال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسن بن بابويه القمي - رحمه الله - وقد روى هذين الخبرين في كتابه المعروف ب (كتاب من لا يحضره الفقيه): هذان الخبران غير مختلفين، لأنهما في قضيتين، وكانت هذه القضية قبل القضية التي ذكرناها قبلها. وقد روت الشيعة أيضا في كتبها خبر أمير المؤمنين - عليه السلام - مع شريح قاضيه في درع طلحة بن عبيد الله لما قال - عليه السلام -: هذه درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة ومطالبة شريح له بالبينة على ذلك وإحضاره - عليه السلام - الحسن ابنه - عليه السلام - وقنبرا غلامه، وقوله - عليه السلام - لشريح:
أخطأت ثلاث مرات. ورووا أيضا حديث خزيمة بن ثابت - ذي الشهادتين - لما شهد للنبي - صلى الله عليه وآله - على الأعرابي، فقال له النبي - صلى الله عليه وآله: كيف شهدت بذلك وعلمته؟ قال: من حيث علمت أنك رسول الله. فمن يروي هذه الأخبار مستحسنا لها معولا عليها كيف يجوز أن يشك في أنه كان يذهب إلى أن الحاكم يحكم بعلمه؟! لولا قلة التأمل من ابن الجنيد.
ثم قال السيد: والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه زائدا على الإجماع المتردد قوله تعالى: (الزانية والزاني فاجلدوا) وقوله تعالى: (السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) فمن علمه الإمام سارقا أو زانيا قبل القضاء أو بعده فواجب عليه أن يقضي فيه ما أوجبته الآية من إقامة الحدود، وإذا ثبت في الحدود ثبت في الأموال، لعدم القائل بالفرق (1).